السؤال
السلام عليكم.
جزاكم الله خيرا على رحابة صدركم.
أتمنى أن تساعدوني لأفهم نفسي وكيف أسيطر على مزاجي، فأنا فتاة أبلغ من العمر 28عاما، مزاجية جدا، وساءت حالتي في الفترة الأخيرة فأصبحت لا أمل إن بقيت ساعات لوحدي، ولا أتحمل كلمة من أحد خاصة من أمي، لأنها الأكثر تواجدا معي بما أني الفتاة الوحيدة في البيت بعد زواج أختي الكبرى، فهي لا تستطيع أن تطلب مني طلبا لأني لا أحتمل، وأبدأ بالتشكي مع أن أمي ليست متسلطة أو لحوحة، ولكن المشكلة في شخصيتي، فحتى إخواني ما إن يطلبون مني شيئا حتى أغضب وأتشاجر معهم، فأرجوكم أن تنصحوني، فأنا أصبحت لا أطيق نفسي.
في الفترة الأخيرة ظننت بأن طبعي أصبح أسوأ لأنني لم أتزوج بعد، ولكن ما ذنب من حولي؟ وهل سأبقى هكذا إذا لم أتزوج قط ؟ أم أن السبب زيادة الضغط علي والمسؤولية؟
لا أريد أن أبقى هكذا وأندم في المستقبل، لأني أشعر بالذنب مباشرة بعد أن أزعج أمي وأي أحد، حتى إذا حاولت أن أكون بشوشة يظهر علي التصنع، كما أنني في كل يوم أشعر بالخجل من اليوم الذي قبله، وأني لم أقم بالأشياء بشكل جيد.
أتمنى أن تساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ محبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا بكل هذا، أعانك الله ويسر لك، ومعذرة على التأخر بالإجابة.
ليس غريبا عندما يكبت الإنسان مشاعره مرة بعد مرة حتى يأتي وقت "ينفجر" فيه لو مر أمام أمر بسيط، أو أمام شخص ليس علاقة حقيقة بسبب هذا الانفجار، إلا أنها تراكمات هذه العواطف، وهذا طبعا من طبيعة العواطف، أنها متراكمة، وقد تختفي هذه العواطف لبعض الوقت إلا أنها قابعة تحت السطح، حتى يفرغها الإنسان بشكل أو آخر.
ومعك حق في أن من أسباب هذه المزاجية ما تتعرضين له في ظروف حياتك من زواج أختك وبقائك في البين كالابنة الوحيدة، وبعض الضغط والمسؤولية، وربما بعض الأمور الأخرى التي لم ترد في رسالتك، سواء داخل الأسرة أو خارجها.
وكما نعلم أن هناك طرق صحية لتفريغ هذه العواطف: كالحديث المباشر بما يعتلج في نفوسنا مع الشخص المعني، ولكن بطريقة مقبولة، أو من خلال القيام ببعض الأعمال المفيدة كالصلاة، وتلاوة القرآن، والرياضة، والمشي، والرسم.
وهناك طرق غير صحية: كالغضب الشديد والشجار والانفجار، أو تناول بعض الأدوية المهدئة والمسكنة أو التدخين، أو كل ما يحاول الشخص القيام به ليخفف من ضغوط الحياة وتوتراتها، وربما هناك أيضا بعض الحساسية الزائدة من جهة، بالإضافة للانفعال.
طبعا الكثير من هذه الحساسية ستخف من خلال الزمن، فأنت ما زلت في سن 28 من العمر، وتجارب الحياة ستعلمك كيف تتحملين ما يمكن أن تسمعيه أو ترينه من الآخرين، بحيث لا يؤثر عليك هذا التأثير الشديد، فصبرا على نفسك.
طبعا من ناحية أخرى للحساسية جوانب إيجابية، فهي من علامات الذكاء العاطفي والاجتماعي للإنسان، وليتنا عندنا الكثير من الناس الذين لديهم حساسية لحاجات الناس ومشاعرهم! ألسنا نصوم رمضان ونقول أن من فوائد الصيام أن نشعر بمشاعر الجائع والمحتاج؟! فمن ناحية لا تقلقي من بعض هذه الحساسية، فمما لاشك فيه أن بعض حساسيتك ستجعل منك إنسانة ناجحة في الحياة من خلال نضج علاقاتك الأسرية والاجتماعية، فاطمئني!
وإذا كنت مررت بتجارب كثيرة مؤلمة في طفولتك، وتريدين أن تتخلي عن بعض آثارها ونتائجها، فربما يعينك كثيرا أن تجدي شخصا مناسبا، كصديقة وفية، أو أخصائية نفسية، تتحدثين لها وتفضفضي معها عن بعض ما مر معك، ولعل هذا يخفف من الضغط الكثير الذي في داخلك.
ومما سيساعدك كثيرا على الاسترخاء أن تحاولي أن تعتني بنفسك من ناحية الهوايات الخاصة بك والأنشطة التي تحبين القيام بها، ومع الوقت ستجدين نفسك أكثر هدوءا في تعاملك مع نفسك ومع الآخرين.
وطالما نحن في رمضان شهر القرآن، فلا شك أن تلاوة القرآن يمكن أيضا أن تدخل السكينة في قلبك، "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".
وفقك الله، وكتب لك راحة البال.