كيف يمكن لزوجتي أن تنظم وقتها بين بيتها وزيارة أهلها؟

0 167

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

تعرفت على فتاة ذات دين وخلق ونخطط للزواج، هذه الفتاة هي وحيدة أبويها، وزواجها مني يعني ابتعادها عنهما، والسكن في مدينة بعيدة.

وبعد طرح قضية البعد، هي الآن تريد أن نناقش مسألة زيارتها لأبويها بعد الزواج، مثل: عدد المرات الممكنة، وإمكانية السفر لهما في الأعياد، والمدة الممكنة، ثم كيف سنسير هذا الأمر عند وجود الأبناء لدينا؟ وهل يحق لها ترك أبنائها والذهاب لزيارة والديها؟

جزاكم الله خيرا، هل يمكن لخبير أسري أن يقدم لنا برنامجا يمكن الاتفاق عليه وتطبيقه ووضعه لزيارات الفتاة لأبويها مثلا في السنة؟ وكيف يمكن تحديثه وتغييره بعد الإنجاب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبخصوص سؤالك – أخي العزيز – عن تفاصيل زيارة الفتاة لأبويها بعد الزواج, وكم عدد مرات الزيارة الممكنة، وإمكانية السفر في الأعياد, والمدة الممكنة في ذلك, لا سيما بعد وجود الأبناء بينكما, وهل تتركهم لزيارة أبويها... إلخ.

فإن الجواب عن كل هذه الأسئلة يتلخص في فهم ثم تطبيق هذه القواعد الفقهية, منها قولهم : (الأصل في الشروط والصلوح الإباحة) فـ (المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا)، أي يجوز لكل من الأطراف أن يشترط لنفسه ما يرى فيه المصلحة لنفسه إلا ما خالف الشرع، فيجوز لهما التنازل عن حقوقهما الخاصة لا حقوق الله تعالى، وذلك لقاعدة أخرى تقرر أن: (حقوق العباد يجوز للعباد إسقاطها برضاهم, بخلاف حقوق الله تعالى فلا يسقطها العباد)، ولذك قال الصحابي الجليل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: (مقاطع الحقوق عند الشروط)، أي أن حقوق الطرفين تنقطع وتسقط بالالتزام بالشروط كونها حقوقا شخصية متعلقة بحق للإنسان نفسه, لا بحقوق الرب سبحانه وتعالى، كمثل فاحشة الزنا وشرب الخمر والقتل والربا فهذه متعلقة بحقوق الله تعالى، لا يجوز للعباد التراضي على إسقاطها بخلاف الديون المالية والحقوق الزوجية من سفر وخدمة وزيارة وعلاج ونحوها، لأنها حقوق العباد.

ويجب الوفاء والالتزام بشروط المتعاقدين لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)، لا سيما عقود الزواج حيث سماه الله تعالى: (ميثاقا غليظا)، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إن أحق الشروط أن يوفى بها ما استحللتم به الفروج) متفق عليه.

وعليه يجوز أن تتفاهما وتتراضيا عن كل ما يتعلق بما مر من الأسئلة السابقة بما يحقق لكليكما المصلحة من غير إضرار بالطرف الآخر، وحقوق الوالدين, ويستحب لكل من الزوجين التنازل عن بعض حقوقه الشخصية فيجود بحقه من مال أو وقت أو نحوه، ولا يبخل بها إيثارا لزوجه، كما قال تعالى في وصف المؤمنين: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)، وفي الحديث عند مسلم: (واتقوا الشح, فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم) وفي المتفق عليه قال صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، فمحبة المسلم لأخيه ما يحب لنفسه من علامات كمال الإيمان والأخلاق, لكن الإيثار وهو تقديم حق أخيك على حقك هو سيد الأخلاق، فكيف إذا كانت هذه المحبة والإيثار من الزوجين لبعضهم البعض؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله, وأنا خيركم لأهلي).

ومع استحباب الإيثار بين الزوجين في الشروط, إلا أن الالتزام بها من أعظم الواجبات والحقوق كما سبق, ولذلك ينبغي الاحتياط في وضعها ابتداء منعا من نقضها بعد ذلك للحرج منها، أو العجز عنها، كما يحصل كثيرا، فلنتنبه وذلك بمراعاة الموازنات بين المصالح والمفاسد, ومراعاة الأولويات, واعتبار المآلات ونحوها حتى لا يدخل الزوجان في مشكلات زوجية أو أسرية كثيرة، والله المستعان.

هذا وأسأل الله تعالى أن يجعله زواجا مباركا وحياة سعيدة وذرية صالحة، والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات