زوجي ينظر إلى النساء ويستمع للأغاني فكيف أنصحه بترك ذلك؟

2 568

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو من سماحتكم بأن ترشدوني لحل مشكلتي؛ لأنني إن لم أنته منها فسأدمر حياتي الزوجية، عمري 18 سنة، وأنا متزوجة منذ ستة أشهر، مشكلتي تكمن في غيرتي الشديدة، أنا -ولله الحمد- على قدر عال من الجمال، وزوجي يحبني جدا وأنا متأكدة من ذلك، ولكن المشكلة هي في عينيه، فهو - كما نقول بلهجتنا العامية- عيونه طويلة، دائما ألاحظ بأنه ينظر للنساء، لكنه يحاول أن يفعل ذلك دون أن أنتبه.

صارحته أكثر من مرة بأن هذا السلوك يثير جنوني، ولكنه يقول بأنه لا يقصد شيئا بنظراته، إنما هي نظرات عابرة! فهو فقط ينظر حتى يرى طريقه!! لا أدري كيف أبعد هذه العادة منه؛ لأنني وفي كل مرة أراه ينظر يجن جنوني وتبدأ بيننا المشاكل! ماذا أفعل حتى يترك هذه العادة؟

أيضا بالنسبة للأغاني، فزوجي دائم الاستماع لها، وأنا أحاول أن أنصحه بأن يبتعد عنها، وهو مدرك تماما بأن سماعه لها غلط في غلط، ولكنه دائما يقول: ادعي لي!

مع العلم بأن زوجي عنيد جدا، فأريد أن تنصحوني بطريقة إذا نصحته بها لا يعاندني أكثر، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مها حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعا رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.

فإن المؤمنين والمؤمنات مأمورون بغض أبصارهم وهذا يعينهم على حفظ فروجهم وتزكية وتطهير نفوسهم وأحسن من قال:

كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها في أعين الغيد موقوف على الخطر
يسر ناظره ما ضر خاطـــره لا مرحبا بسرور عــــاد بالضـــــرر

وأرجو أن تذكري هذا الزوج بأن إطلاق البصر مخالفة لأمر الله ومناف لتوجهات رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي قال لبعض أصحابه: "لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وعليك الثانية" واجعلي غضبك لله، واجتهدي أيضا في غض بصرك وصيانة نفسك، وأرجو أن يعرف هذا الرجل أن صيانتنا لأعراضنا تبدأ بمحافظتنا على أعراض الآخرين، وقد ذكر ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ قصة ذلك الشاب الذي سافر وترك أخته مع أبويها، فأوصاه والده بضرورة أن يعف نفسه عن الحرام؛ لأن ذلك صيانة لعرضه! ولأن الأبوين كانا كبيرين فقد كان بعض الباعة يأتيهم بالماء، وكانت الأخت تقابله وتستلم منه الماء في أدب واحترام، إلا أنه في يوم من الأيام حاول أن يمسك يدها فذكرت الخبر لأبيها فأمرها بحفظ الوقت والتاريخ الذي وقعت فيه الحادثة، فلما رجع الابن سأله أبوه عن الوصية وركز على أمر الأعراض فقال: "إلا في يوم من الأيام جاءتني امرأة لتشتري مني فأمسكت يدها" فقال له الأب: "دقة بدقة ولو زدت لزاد السقاء".

وليعلم الزوج أنه إذا أطلق بصره في أعراض الناس فسوف يسلط الله عليه من ينظر إلى أخواته وأهله وزوجه فإن الجزاء من جنس العمل، وإذا كان يفعل هذه المخالفة مع محاولاته الجادة في إخفاء ذلك عليك، فهذا دليل على أنه يحترم مشاعرك، وأن فيه بقية من الحياء، ومن واجبنا أن ننمي هذه الجوانب من الخير مع ضرورة تذكيره بأن الله لا تخفى عليه خافية فهو سبحانه: ((يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور))[غافر:19] وخائنة الأعين هي أن ينظر الإنسان إلى ما حرم الله دون أن يشعر به أحد أو يستخدم هذه الجارحة في السخرية والهمز واللمز لمسلم أو مسلمة.
والأغاني مزمار الشيطان، وهي تنبت النفاق في القلب كما ينتب الماء البقل وهي رقية الزنا وبريد الفواحش والعياذ بالله، والعلاقة واضحة بين إطلاق البصر وسماع الأغاني؛ لأن أكثر الأغاني في زماننا تدعو إلى الفحشاء والمنكر والإشراك بالله، وتصور محاسن السناء.

وإذا كنت متأكدة من حبه الشديد فأكثري له من الدعاء، واحمدي الله على ذلك، واجعلي شكرك لله عملا بطاعته سبحانه، قال تعالى: ((اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور))[سبأ:13]، واجتهدي في الأعمال الصالحة والتوجه إلى من يجيب المضطر إذا دعاه، وهذا هدي الأخيار الذين أصلح الله حالهم ومآلهم ومدحهم فقال: ((وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين))[الأنبياء:90].
واعلمي أن المرأة لها وسائل كثيرة وأسلحة عديدة تؤثر بها على زوجها، فاختاري الأوقات المناسبة للتعبير عن عدم الرضا بما يفعله، واجعلي غضبك لله أولا، واحرصي على أن تتجملي وتتزيني له دائما، فإننا في زمان التبرج والسفور، وإذا تزينت الفاسقات في الطرقات وأغضبن رب الأرض والسموات، فاحرصي على عرض جمالك لزوجك حتى لا يرى منك إلا كل جميل ولا يشم عندك إلا أطيب الريح.

والله ولي التوفيق والسداد!

مواد ذات صلة

الاستشارات