السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الاستفسار الأول:
أريد حفظ القران، وللأسف أنا في بلد غربي، ولا أستطيع الذهاب لمكان أو مسجد أو شخص ما لحفظ القران، ولذلك أحاول حفظه لوحدي، ولكنني وجدت العديد من العقبات، مثلا: كنا نتعلم القران في أيام المدرسة مع تفسيره ومعانيه، وهنا وجدت الكثير من التفاسير، ولا أعرف أي تفسير يمكنني دراسته.
عندما كنت بالمدرسة كنت أدرس سبب نزول السورة كاملة، فأعرف ترتيب الآيات والقصة التي نزلت بسببها السورة، وكنت أحفظ مع السور الأحاديث، وقصص الأحاديث التي وردت، وكيف يمكنني التمييز بين أي حديث صحيح أو ضعيف، وأعلم الراوي مثل البخاري، فهو معروف بصحة أحاديثه، وذلك إن لم أكن فهمت بالخطأ، والآن عندما حفظت سورة النبأ، لم أفهمها، وكأنني شخص أجنبي حفظ القرآن دون فهم وتدبر، أفيدوني بهذه المشكلة.
الاستفسار الثاني:
نحن نعلم أن الله عز وجل يبتلي المؤمن ليختبره، وحتى يمحو سيئاته، والسؤال: هل يمكن أن يرغب المسلم في التوقف والتوبة عن فعل أو معصية ولكنه لا يستطيع، يندم ويستغفر ولكنه مستمر، فهل هذا الفعل نوع من الابتلاء؟ وهل هو ابتلاء أم أنه غضب وعدم رضا الله على العبد؟ وهل يريد الله عز وجل أن يختبر العبد في صبره واستغفاره، مثل اختبار العبد هل يفقد العبد الأمل في الاستغفار، أم يظل مستغفرا مهما أذنب؟
أتمني الإجابة المفصلة، وشكرا جزيلا على جهودكم الرائعة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ khaled حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكرك على تواصلكم معنا، ونسأل الله لك الهداية والتوفيق، وأما الجواب على ما ذكرت:
مسألة حفظ القرآن هو أمر حسن، ولك فيه أجر، ولكن الحفظ لابد منه أن يكون على يد شيخ متقن، ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة عبر الوتساب أو عبر سكايبي يمكن تجعلك عبرها تقرأ على يد شيخ بشكل منتظم، المهم احرص أن تقرأ على يد شيخ متقن.
وأما مسألة التفسير لما تحفظ من القرآن، وكيف يكون ذلك؟ فأظن أن الأمر يسير، فيمكن أن تدخل على موقع ملتقى التفسير، فله اهتمام بهذا الأمر، ومع هذا لابد أن يكون التفسير عبر أحد المشايخ، وعلى العموم إن كان لك إخلاص في طلب العلم، وأيضا إذا دعوت الله تعالى أن ييسر لك سبل طلب العلم، ستجد الأمور في يسر وسهولة -بإذن الله تعالى-.
وأما مسألة معرفة صحة الأحاديث، فلا شك أن الصحيحين تلقتهما الأمة بالقبول، وكل ما فيهما صحيح، وتأتي في المرتبة الثانية بعدهما السنن الأربع، سنن الترمذي والنسائي وابن ماجة وأبي دواد، وهذه في الجملة صحيحة، إلا شيء يسير فيه ضعف نبه عليها العلماء، ويمكن أن تراجع في صحة الأحاديث كتب الشيخ: محمد ناصر الدين الألباني، فهي من المراجع في هذا الأمر، وأما فهم الأحاديث يمكن أن ترجع إلى شروحات السنة، وموقع أهل الحديث يمكن تستفيد منه في هذا الشأن.
وأما جواب السؤال الثاني:
فكونك تتوب إلى الله تعالى فهذا أمر حسن، وهو الواجب عند الوقوع في الإثم، وبهذا يزول عنك هذا الذنب بعد التوبة، فإذا عدت إلى الذنب مرة أخرى فعليك أيضا أن تتوب مرة أخرى وثالثة ورابعة وهكذا.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: قال تعالى: "إن عبدا أصاب ذنبا، وربما قال : أذنب ذنبا، فقال: رب أذنبت، وربما قال: أصبت، فاغفر لي، فقال ربه: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا، أو أذنب ذنبا، فقال: رب أذنبت أو أصبت آخر فاغفره؟ فقال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي، ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبا، وربما قال: أصاب ذنبا، قال: رب أصبت، أو قال: أذنبت آخر فاغفره لي، فقال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به؟ غفرت لعبدي ثلاثا، فليعمل ما شاء" [رواه البخاري برقم 7507].
وأرجو ان لا تقلق من العودة من الذنب، ولكن حتى لا تعود إلى الذنب يمكن أن تأخذ ببعض الوسائل، منها الإكثار من عمل الصالحات، قال تعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات}.
وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اتق الله حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن).
ومنها أن تستشعر قبح ذنبه وضرره في الدنيا والآخرة، ومنها أن تبتعد عن مكان المعصية، وأن يجالس الرفقة الصالحة، وقد روى مسلم عن أبي سعيد في حديث قاتل المائة: (... ومن يحول بينه وبين التوبة، انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن بها أناسا يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء)، ومنها أن يداوم على ذكر الله تعالى، ومنها قراءة الآيات المخوفة للمذنبين، ومنها أن تحسن الظن بالله، ولتعلم أن من تاب تاب الله عليه وقد محي ذنبه.
وفقكم الله لمرضاته.