السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السؤال يتعلق بأختي الصغيرة، والتي تبلغ من العمر ست سنوات، تدرس بالصف الأول، وهي يتيمة الأب منذ عمر أربع سنوات ونصف، حاولنا قدر المستطاع بأن لا تشعر بالفرق، وأن لا يؤثر ذلك عليها، لأن عمرها حساس أكثر منا.
كانت بدايتها جيدة في المدرسة، لكن تعامل المعلمة معها مختلف، وبحسب ما ذكرت أختي بأن المعلمة لا تلقي لها بالا، وحينما تقدم لها أختي شيئا أو تقول لها كلمة لطيفة فإنها لا تعاملها بنفس تعاملها مع التلاميذ الآخرين، وترد عليها ببرود، وهذا ما بدا واضحا من أختي، وهو سبب انزعاجها، وذات يوم قال زميلها: (أعيروها شيئا المسكينة)، والمسكينة يقصد بها أختي، لأننا كنا نستعمل كلمة مسكينة عندنا كثيرا بصورة عادية جدا، لكنها قالت لأمي ذات مرة قولي لي مسكينة، وصارت تحب أن يقال لها كذلك، وأصبحت تحس بالتمييز من قبل المعلمة، وترفض المشاركة في القسم.
أختي فتاة ذكية جدا، ومتفوقة مثلنا كلنا و-الحمدلله-، ومستواها واضح لا شك فيه، لكننا لا نريدها أن تعاني من العقد النفسية، أو الإحساس بالدونية والنقص بسبب المعلمات، أعرف أن مشاعر الأطفال حساسة جدا، ونفسيتهم معرضة للخلل، وهذا قد يدمر حياة أختي.
سؤالي: هل هناك ما يدعو للقلق؟ وإن كان فكيف أتعامل مع أختي؟ وماذا بشأن المعلمة؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رانية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وشكر لك حرصك على العناية بأختك الصغيرة اليتيمة، بما يدل على حسن دينك وخلقك وتربيتك، وجزاك الله خيرا.
أوصيك أن لا تفرطي في القلق على وضع أختك الصغيرة، لا سيما مع ما حباها الله من ذكاء وتفوق، وعوضها بمثلك في الحرص عليها ومحبتها، وتعويضها ما فاتها من الحنان الأبوي، فأنا على أمل كبير بتخطي وتجاوز أختك لمشكلاتها العاطفية بعامل الزمن، وفضل الله، ثم رعايتكم -بارك الله فيكم-.
وأما بخصوص أختك الصغيرة, فإنه من الواجب على الأسرة منح الاستقرار النفسي والعاطفي لهذه اليتيمة، وتوفير مناخ الأمن والطمأنينة في نفسها، ومنحها العطف والشفقة والدفء والحنان، وتعزيز جانب الثقة بالنفس لديها، وتقوية شخصيتها بالثناء على الجوانب الإيجابية، ورفع مستواها التعليمي، وتنمية المواهب والقدرات والمهارات اللغوية والبدنية والاجتماعية اللائقة لعمرها، ومتابعة أمورها عامة، ومراقبتها ومحاورتها، وقراءة القصص المناسبة، وضرب الأمثلة ونحوها, والحرص على تحقيق الكمال اللازم لها.
وقد أمر الشرع في التعامل مع الأيتام بمقتضى الإصلاح لمصالحهم المادية والمعنوية, وذلك في قوله تعالى: {ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم}، والإصلاح لفظ أعم من مجرد الكفالة المادية الواردة في قوله -صلى الله عليه وسلم-: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين, وأشار إلى أصبعيه السبابة والوسطى)، وكذا حمايتها من صور الأذى والعدوان على مشاعرها العاطفية والنفسية، قال تعالى: {فأما اليتيم فلا تقهر}.
وأما بخصوص المعلمة فلابد من مواجهتها بالنصيحة والتنبيه إلى خطئها، وتذكيرها بالحرص على مصالح ومشاعر الأطفال خاصة، والأيتام بصورة أخص, فإن لم يجد معها النصح والتذكير فلابد من التعامل معها بمقتضى التحذير لها أولا، بشكواها إلى الإدارة والجهات المسئولة والرسمية لزجرها، وكفها عن قسوتها وسوء معاملتها, فإن لم تنزجر بالتحذير، فلا بد من شكواها فعلا لكف أذاها النفسي وغيره عن الأطفال، لما لا يخفى من حاجتهم الماسة في مثل هذه المرحلة العمرية وبالأخص في مثل حالة طفلتكم النفسية إلى الحنان وحسن التربية والمعاملة, حيث ولا يخفى أنه يتأكد في حقها حسن الالتفات لها، والعناية بها مالا يتأكد في حق غيرها.
اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء بالسعادة والأمن والسكينة والاستقرار النفسي، قال تعالى: {ربنا هب لنا من أزواجنا وأولادنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما}.
أسأل الله أن يفرج همكم، وييسر أمركم، ويشرح صدركم، ويحقق آمالكم وأمانيكم، ويسعدنا وإياكم في الدنيا والآخرة، والله المستعان وهو ولي التوفيق.