السؤال
أنا متزوج، وبعمر 45 سنة، أعاني دوما من مزاج سيء، وعصبية شديدة جدا ترتقي إلى وصف سوء أخلاق، أنا جدا عصبي لأتفه الأسباب أغضب، وأغلب اليوم تقريبا أقضيه بصراخ ونكد لأتفه الأسباب، وأي شيء بسيط أتضايق منه، وأغضب، وأتضجر من كل شيء.
من المؤسف أن حالتي العصبية أصبحت تتطور أكثر بشكل لا يطاق، والكل بدأ يكرهني من عصبيتي، حتى والدي وزوجتي وأولادي وأخواتي، لدرجة أني صرت أتحاشى أي شيء ممكن يجعلني عصبي؛ لأني عندما أتعصب أنفجر بأبشع الكلمات النابية وغير الأخلاقية في وجه أي كان، وما أخشاه مؤخرا أن أقوم بارتكاب حماقة، أو جريمة بشعة مع أي شخص على أي قضية تافهة بسبب عصبيتي، وبذاءة كلماتي تجاه من أختلف معه.
الملفت للنظر أيضا أنه سرعان ما ينتابني بعدها وفي غضون دقائق أو ساعات معدودة الندم والحسرة والأسف على ما يبدر مني من كلام بذيء، أو رفع صوتي، وأضطر حينها إلى الاعتذار والتبرير لمن لحقت به الإساءة، خصوصا المقربين لي من الأسرة، لكن مع الأسف قد سبق السيف العذل كما يقول المثل.
الجدير ذكره هنا أن والدي يعاني من نفس المشكلة وأكثر بكثير مني، ومن المؤسف بسبب حالته النفسية ظهر له مؤخرا مرض الاكتئاب، وهذا ما أخشاه على نفسي، من انتقال المرض إلي بالوارثة.
عموما وصلت إلى قناعة تامة إلى أن حالتي بحاجة إلى تدخل علاجي دوائي للمرض النفسي والاكتئاب، قبل تطور المرض.
علما بأنه سبق واستخدمت دواء اسمه (الموتيفال) بدون وصفة طبية، ولا زلت أستخدمه عند الضرورة، ولاحظت فرقا كبيرا جدا من حيث تحسن مزاجي وأخلاقي، وأيضا تحسن في حالات نوبات الهلع التي تحدث عندي أحيانا.
علم بأني أعاني من مرض القولون العصبي، وأيضا قرحة في الإثنى عشر، وسبق واستخدمت كورسات علاج إلا أني لم أتعاف منها كليا، لكن -بفضل الله- قدرت على التأقلم مع أعراضها ومكافحة ذلك بالحمية وبعض الأدوية بين فينة وأخرى، -ولله الحمد- لا أعاني من السكر أو الضغط.
أرجو دراسة حالتي النفسية والعصبية، ومساعدتي بالعلاج النافع.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ لطف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أنا تدارست حالتك النفسية والعصبية، ومن الواضح أن طاقاتك النفسية السلبية بدأت تهيمن وتسيطر عليك، مما أدى إلى الاضطراب الشديد في المزاج لديك، وكذلك العصبية والتوتر وسرعة الاستثارة والانفعال.
إبداء الندم – أيها الفاضل الكريم – هو أمر طبيعي بالنسبة لشخص مسلم، إنسان طيب، فإبداء الندم هو موقف طبيعي في هذه المواقف، وهو ناشئ قطعا من نفسك اللوامة، وهي نفس فيها -إن شاء الله تعالى- الخير الكثير لك.
أخي الكريم: أنت ذكرت أن والدك – حفظه الله – يعاني أيضا من نفس هذه الحالة، وهنا قطعا الأثر الجيني – أو التكويني – قد لعب دورا في أنك تصاب بنفس الأعراض، لا أقول لك أنه الإرث المباشر، لكن هو التأثير الإرثي، أي جعلك تكون أكثر قابلية واستعدادا لسرعة الانفعالات والتوتر.
أنت الآن في عمر خمسة وأربعين، وهذا هو عمر الاكتئاب لدى كثير من الناس، وأعتقد أنه توجد مؤشرات قوية جدا أن عصبيتك هذه قد تكون بالفعل بدايات لنوع من عسر المزاج الذي نتمنى ألا يتطور لحالة اكتئابية، ولذا أتفق معك اتفاقا تاما وكاملا أنك في حاجة لبعض محسنات المزاج التي تساعدك لتخطى هذه المرحلة، وحتى لا تدخل في مزاج اكتئابي.
عقار (زولفت)، والذي يسمى علميا (سيرترالين) سيكون هو الأفضل بالنسبة لك، يضاف إليه عقار آخر يسمى (دوجماتيل)، أو يمكنك أن تستمر على الـ (موتيفال) لكن بانتظام.
جرعة الزولفت في حالتك جرعة صغيرة، تبدأ بخمسة وعشرين مليجراما – أي نصف حبة – ليلا لمدة أسبوعين، ثم تجعلها حبة كاملة – أي خمسين مليجراما – ليلا لمدة ستة أشهر، وهذه أقل مدة مطلوبة على هذه الجرعة الصغيرة من هذا الدواء السليم وغير الإدماني.
بعد انقضاء الستة أشهر اجعل الجرعة نصف حبة (خمسة وعشرين مليجراما) ليلا لمدة شهر، ثم اجعلها خمسة وعشرين مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.
الدواء سوف يفيدك كثيرا، وهذه الجرعة صغيرة – أخي الكريم – والجرعة الكلية هي أربع حبات في اليوم، لكن لست في حاجة لهذه الجرعة.
بالنسبة لعقار موتيفال – أخي الكريم – أريدك أن تتناوله بانتظام لمدة شهرين على الأقل، وبمعدل حبة صباحا ومساء، وهذه ليست جرعة كبيرة أبدا، هذا سوف يفيدك كثيرا، وسوف يجعل هنالك قاعدة كيميائية ودوائية صلبة تساعدك فيما يتعلق بالتوتر والعصبية، وتريحك كثيرا من الناحية النفسية.
أخي: ممارسة الرياضة مهمة؛ لأنها تؤدي إلى امتصاص الطاقات النفسية والشوائب النفسية في النفس، ويجب أن تكثر من الاستغفار – أخي الكريم – ولا بد أن تطبق ما ورد في السنة المطهرة حول كيفية التعامل مع الغضب، وحاول أن تعبر عن نفسك ولا تكتم؛ لأن الكتمان يؤدي إلى احتقانات نفسية سلبية كثيرة.
أخي: حاول أن تكون شخصا إيجابيا في أفكارك، وفي مشاعرك، وفي أفعالك، وأنت -الحمد لله تعالى- لديك الكثير من الإيجابيات في حياتك.
بارك الله فيك – أخي الكريم – وجزاك الله خيرا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب، وكل عام وأنتم بخير.