السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المستشارون الأفاضل: بارك الله جهودكم، ونفع بكم أمتنا الإسلامية.
أود أن أطرح مشكلتي مع زوجتي، أنا طالب عمري 23 سنة، متزوج منذ سنة من ابنة عمي، وعمرها 18 سنة، وكلانا حافظ للقرآن، وعلى منهج الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ولكننا حتى الآن لم ننجب، ومشكلتي معها انعدام الحب من جهتها، وإنها قصة طويلة.
زوجتي أجبرها والدها على الزواج بي، ولكنها لم تخبرني في بداية زواجنا بأنها مجبرة، وقد بدأت الخلاف بيننا بعد سفري إلى خارج الوطن لطلب العلم، لكنني لا أرجع لها إلا في فترة الإجازات فقط، والآن حان وقت رجوعي، والخلافات بيننا وصلت ذروتها، فقد قطعت وسائل التواصل معي منذ أربعة شهور، منذ ذلك الوقت لم أسمع صوتها، ولا مكالمتها، أسأل عنها أهل البيت يقولون: هي في بيتي وبخير، حاولت بكل الوسائل التواصل معها، لكن ليس هناك حل إلا الصمت!!
ظهرت في الآونة الأخيرة بوجهها الحقيقي، وقالت ما قالت، واستعملت كلمات التهديد، وقالت لي كل الحقيقة، وتقول إنها مجبرة، وكذلك تقول: هي الآن تملك نفسها لا يجبرها أحد علي، إلى أن وصلت إلى التهديد وقالت: ستفعل المستحيل حتى تتخلص مني، ولن أذوق معها الحب، وحبي لها لن يفيدها، وطلبت مني أن أتركها -يعني الطلاق-، مع أنها تقبل الهدايا أو النقود، لكن أنا لم أرد كل هذا التهديد إلا بلطف وحنان، ويستحيل أن تأخذ من فمي كلمات التهديد أو السب، كما تفعل هي، لكن صبرا صبرا.
ماذا سأفعل بزوجتي وابنة عمي وحبيبة قلبي؟ زوجتي تريد تركي، وتطلب مني أن أطلقها! مع أننا في بدايات زواجنا، كانت توصف بأنها تحبني، لكنها تغيرت بعد سفري، فماذا أفعل؟ كيف أرد طلباتها؟ هل أشارك والدي في هذه القضية؟ مع أن والدها مثل والدي تماما لأنهم أشقاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ sad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
فمن الأخطاء الفادحة التي يرتكبها بعض الآباء: إجبار بناتهم على الزواج ممن لا تحب؛ ظنا منهم أنهن لا يعرفن مصلحتهن، أو أنهن سيتأقلمن مع الواقع، وما كلهن يتأقلمن.
لقد جعل الشرع للمرأة حق القبول أو الرفض، ففي الحديث الصحيح: أنه جاءت فتاة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: إن أبي زوجني ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، قال: فجعل الأمر إليها، فقالت قد أجزت ما صنع أبي، ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء.
أنصحك بالقرب من زوجتك أكثر، والعناية بها وإشعارها بحنانك واحتياجك إليها، وتعرف على الأسباب التي جعلتها تطلب الطلاق، خاصة بعد السفر، هل هنالك من حرضها أكثر في البلد التي هي فيها؟ أم أنها وجدت أجواء الحرية والقانون الذي يمكن أن تلجأ إليه؟
لا ترد على طلباتها بالطلاق واعتبرها لاغية، واصبر على تصرفاتها وتعامل معها بالحسنى، طالما وهي تمكنك من نفسها، وتستطيع أن تمارس حقك من العلاقة الحميمية، فالأمور لا تزال بخير -إن شاء الله-، ويمكن مع الوقت أو إن حملت أن تتحسن العلاقة بينكما.
إن استطعت أن تكون معك في المكان الذي تدرس فيه، فذلك خير من أن تبقى بعيدة عنك.
ابذل لها ما تريد من أجل تغيير رأيها، وبالحوار الهادئ يمكن أن تصل إلى شيء من ذلك.
لا بأس أن تخبر والدك من أجل أن يجلس معها، ولكن ينبغي ألا يشعرها أنك أخبرته بما هو حاصل منها، وإنما على سبيل السؤال، وتلمس الحال، وكونه يشعر بأن حياتكما غير مستقرة، وحبذا لو كان في حال سفرك، وآمل أن يقترب أهلك منها ويختلطوا بها، فقد يكون عيشها بانفراد -ولو كانت تعيش في بيت أهلك-، من جملة الأسباب.
إن لم ينفع ذلك فلا بأس من أن يتواصل والدك مع والدها؛ كي ينصحها ويوجهها من دون أن تشعر بأنه علم بما تفعله معك، ولأمها دور فعال في نصحها -بإذن الله تعالى-.
لا تغفل الدعاء فهو علاج فعال، فتضرع به بين يدي الله تعالى وأنت ساجد، واستغل أوقات الإجابة، وسل الله تعالى أن يؤلف بين قلبيكما، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وأكثر من دعاء ذي النون، فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
أكثر من الاستغفار، والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم، وكشف الكروب يقول -عليه الصلاة والسلام-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
حافظ على ورد يومي من القرآن الكريم، وداوم على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، يقول تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يلهم زوجتك الرشد، وأن يقذف حبك في قلبها، ويسعدكما إنه سميع مجيب.