السؤال
السلام عليكم
أعاني من العصبية والتوتر بشكل لا يطاق، لا أحتمل نظرة أو حركة، ومهما حاولت أن أهدأ فدون جدوى، كما أعاني من قلق وخوف داخلي، شيء يكتم على حياتي وأخاف بلا مبرر، وأفكار غريبة!
هذا جعلني أعامل غيري بطريقة سيئة وأندم بعد ذلك، لكن رغم ندمي أستمر على نفس الوتيرة، لا أتحمل أحدا أبدا، وأدقق بكل شيء، وأفكر بكل شيء بزيادة، وأحزن كثيرا نتيجة ذلك.
كما أشعر وكأن ما حولي ليس واقعا، أو أني لست بالواقع، أو لا أشعر بنفسي، ولا أدري كيف يمكن أن أشرح هذه النقطة.
كما ترتفع حرارتي وأرتجف وأقلق، وكأني سأفقد صوابي على أي تصرف، مثل إذا اتصل بي رقم غريب أو تشاجر أحدهم معي أو استفزني أو غير ذلك، رغم أني لم أكن هكذا من قبل.
بدأت هذه الحالات في شهر رمضان، وأردت استشارتكم وما أعانيه شبه مستمر، حتى إني أشعر بالصداع نتيجة الخوف والتفكير والعصبية.
الجدير بالذكر أني –والحمد لله – ملتزمة، ولا أقطع الاستغفار ولا أهجر القرآن، والحمد لله.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نسمة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله لك العافية والشفاء.
اكتساب العصبية والتوتر - بمعنى أنه لم يكن سمة من سمات شخصيتك – هذا يحتاج لإجراء بعض الفحوصات الطبية، فأحيانا اضطرابات الهرمونات – خاصة اضطراب هرمون الغدة الدرقية أو الهرمونات النسائية – ربما يكون سببا في ذلك.
فأول ما أنصحك به هو أن تذهبي إلى الطبيب، وأن تقومي بإجراء الفحص الطبي العام، ومعرفة مستوى الدم؛ لأن فقر الدم أيضا يؤدي إلى التوتر في بعض الأحيان، ونقص فيتامين (د)، ونقص فيتامين (ب12)، هذا كله ربما يكون له تبعات نفسية تظهر في شكل عصبية، وكما ذكرت لك أيضا: معرفة مستوى الغدة الدرقية مهم جدا.
أول ما نبدأ به هو التأكد حول صحتك الجسدية، التي ربما تكون انعكست سلبا على صحتك النفسية، مما نشأ منه هذا التوتر والقلق.
العامل الثاني: إن كانت صحتك الجسدية ممتازة ولا يوجد أي خلل في المكونات الرئيسية للدم وخلافه، في هذه الحالة ربما يكون السبب نوعا من القلق المكتسب أو شيء من الاكتئاب النفسي البسيط هو الذي أدى إلى هذه التوترات التي تعانين منها.
حاولي أن تراجعي نفسك، إن كانت هنالك أي أسباب، إن كانت هنالك أي احتقانات نفسية سلبية، حاولي أن تتعاملي معها بصورة إيجابية وتتخلصي منها.
النقطة الثالثة هي النقطة العلاجية: دائما الإنسان الذي ينام نوما صحيا ليليا سليما يساعد نفسه في أن يقلل من الانفعالات والغضب والتوتر والعصبية، إذا احرصي على النوم الليلي المبكر.
رابعا: ممارسة الرياضة، الرياضة الآن اتضح من خلال الأبحاث العلمية الممتازة والرصينة أنها تمتص الطاقات النفسية السلبية، تؤدي إلى الكثير من الارتياح النفسي، تزيل الإجهاد النفسي، وكذلك الإجهاد الجسدي، فمارسي أي نوع من الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة.
خامسا: عبري عن نفسك، لا تكتمي، الكتمان مشكلة كبيرة جدا، وحاولي أن تقبلي الناس كما هم لا كما تريدين، ودائما انظري للناس بميزان الثقة والتفاؤل وحسن الظن، واعرفي – أيتها الفاضلة الكريمة – أنك إذا انفعلت في أي إنسان أو إنسان انفعل عليك أنت لن تقبلي هذا، وما لا تقبليه لنفسك يجب ألا تقبليه لبقية الناس. هذه مبادئ أساسية.
سادسا: اجعلي لنفسك برامج يومية تديري من خلالها وقتك، فحسن إدارة الوقت تؤدي إلى متنفس نفسي عظيم وكبير، وتحديد الأهداف في الحياة دائما هو الذي يجعلنا ننطلق انطلاقات إيجابية.
سابعا: أمر بر الوالدين يجب أن يأخذ أسبقية، واعرفي أن القانون الذي يجب أن نتبعه {ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما} حتى (أف) لا تقبل، وأن أنفعل على أحد والدي أو كلاهما وبعد ذلك أندم أعتقد أن ذلك ليس أمرا جيدا.
اجعلي نفسك اللوامة تتسلط عليك لتنقلك من النفس الأمارة بالسوء ثم إلى النفس المطمئنة، والرياضة والتعبير عن الذات وحسن تنظيم الوقت والنوم الليلي المبكر، كل هذا يساعد كثيرا في علاج الانفعالات.
ثامنا: اقرئي ما ورد في السنة النبوية المطهرة حول كيفية إدارة الوقت وطبقيه، كتاب (الأذكار) للإمام النووي كتاب عظيم في هذا السياق.
النقطة الأخيرة: لا مانع أن تتناولي دواء بسيط للقلق وللتوتر، الدواء يعرف (تفرانيل) واسمه العلمي (إمبرامين)، دواء قديم لكنه جيد، غير إدماني، لا يؤثر على الهرمونات النسوية، الجرعة هي: خمسة وعشرين مليجراما يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقفي عن تناوله.
أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.