السؤال
السلام عليكم.
بعد تردد كبير وانتظار طويل للحظة المناسبة صارحت ابنة عمتي بأني أحبها وأريد التقدم لخطبتها، فأخبرتني أنها مشوشة التفكير؛ لأنها انتظرت طويلا ورفضت العديد من الخطاب من أجلي ولم أتقدم، والآن قبلت بخاطب، وهي محتارة كيف تتصرف حيال ذلك، علما أني كنت أنتظر الوقت المناسب لفتح الموضوع مع أهلي.
نرجو منكم إرشادنا، ماذا نفعل؟
وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
- إن كل شيء في هذا الكون يسير بقضاء وقدر حتى عجز الإنسان وفطنته، يقول تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، ولما خلق الله القلم قال له: اكتب، قال: وما أكتب؟ قال: (اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) والكيس الفطنة.
- الزواج رزق من الله تعالى لا يأتي بشدة الحرص ولا يفوت بالترك، فإن كانت ابنة عمتك من نصيبك فسيكون ذلك، وسوف ييسر الله لك أمرك، وإن لم تكن من نصيبك فلن تستطيع الزواج بها وإن أنفقت كنوز الأرض.
- لا بد أن تكون نفسك راضية بقضاء الله وقدره، وحذار أن تتسخط إن فاتتك، ففي الحديث الصحيح: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله عز وجل إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط).
- لا يحل لك أن تخطبها الآن كونها مخطوبة، وقد نهى نبينا -عليه الصلاة والسلام- عن الخطبة على خطبة الأخ، يقول عليه الصلاة والسلام: (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه).
- الخطوبة ليست زواجا، ولكنها فترة نظر واستقصاء للصفات التي يحملها الزوج أو الزوجة، ولذلك يجوز لأي طرف الانسحاب دون أن يبدي أي سبب، خاصة إن كانت الأسباب وجيهة، وعلى ابنة عمتك أن تنظر في مصلحتها والصفات التي تحملها والتي يحملها من تقدم لها ولها الخيار بعد ذلك دون أي ضغوطات نفسية أن تمضي في خطوبة من تقدم لها، أو تقوم بفسخ الخطوبة.
- لا تتقدم لخطبتها إلا إذا أعلن فسخ خطوبتها من الأول، وعليك أن تتضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وتسأله أن يختار لك ما فيه الخير.
- كن على يقين أن الإنسان قد يحب شيئا وفيه شر له، وقد يكره شيئا وفيه الخير العميم، يقول تعالى: (وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖ وعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗ والله يعلم وأنتم لا تعلمون).
- صل صلاة الاستخارة وادع بالدعاء المأثور: (اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر (هنا تسمي حاجتك) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، اللهم وإن كنت تعلم أن هذا الأمر (هنا تسمي حاجتك) شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال: عاجل أمري وآجله، فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم ارضني به. ويسمي حاجته) وفي رواية (ثم رضني به)، وانتظر ما يحدث في قابل الأيام، فإن تم فسخ خطوبة ذلك الشخص فاعلم أن الله اختار هذه الفتاة لتكون زوجة لك، وإن مضت في الخطوبة فاعلم أن الله صرفها عنك كونها ليست من نصيبك.
- ابحث عن شريكة حياتك وتحر في صفاتها، وأهم تلك الصفات ما أرشدنا نبينا -عليه الصلاة والسلام- بقوله: (تنكح المرأة لأربع لدينها وجمالها ومالها وحسبها فاظفر بذات الدين تربت يداك)، ومعنى تربت يداك التصقت بالتراب فلا خير في زوجة لا دين لها ولا بركة فيمن كانت سبب فقر زوجها، إضافة إلى الصفات الأخرى التي تكون سببا في دوام العشرة بينكما.
- أكثر من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
- أكثر من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وكشف الكروب، يقول عليه الصلاة والسلام: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
- داوم على وردك اليومي من القرآن الكريم وحافظ على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك ،يقول تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يعطيك من الخير ما تتمنى، وأن يصرف عنك كل مكروه، والله الموفق.