السؤال
السلام عليكم.
أنا امرأة متزوجة منذ سنتين و3 أشهر، وبعد الزواج بفترة قصيرة وأنا أعاني من مشاكل مع أم وأخت زوجي، فهي دائما غاضبة على أتفه الأسباب خاصة بسبب أعمال البيت، فأنا كنت لا أجيد أعمال البيت، أو بالأحرى مهملة بحكم أنني كنت أدرس، وأمي التي يجب أن تعلمني كانت تعمل، وبهذا عانيت من مشاكل عديدة مع أهل زوجي، خاصة أخته التي تكبرني بـ 9 سنوات، فغالبا ما كانت تستعمل صيغة الأمر عند طلبها شيئا مني، وكنت أحس بتسلطها، وكانت تعنيني في كلامها عند غضبها أثناء قيامها بأشغال البيت، وهذا ما كان يشعرني بالحزن والإحباط والاكتئاب، ودائما كنت أبكي إلى أن تعلمت أشغال البيت وقل كلامها المؤذي.
إضافة إلى أم زوجي التي كانت تجرحني بكلامها إما بقصد أو بدون قصد، خاصة وأنني حساسة جدا، فعانيت معهم الكثير وكنت أذهب عند أمي لأشتكي لها، وكنت كثيرا ما أطلب الطلاق من زوجي لعدم راحتي في العيش، ولعدم قدرته توفير مسكن خاص لنا، مع العلم أن أمه لن تقبل بذلك، فبقيت حائرة، لولا أن لدي طفلة أخاف عليها من شتات عائلتها لطلبت الطلاق! ففي كل مرة مشاكل لا تنتهي، وها نحن الآن لا نتحدث مع بعضنا، مع أنهم هم من جرحوني بحديثهم، فلا أكلمهم وهم أيضا، والآن أصبحت أدعو الله أن يرزقني سكنا مستقلا علني أجد راحة البال والطمأنينة.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جويرية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لتواصلك –أختي العزيزة– وأسأل الله أن يفرج همك، ويرزقك السكن النفسي والمادي، والتوفيق والنجاح والسعادة الزوجية، ويجمع شملك وأسرتك على خير ومودة.
جميل أن تتداركي أخطاءك وتحرصي على تحقيق الكمال في الجمع بين القيام بواجبات المنزل، وواجبات الدراسة بنشاط وإتقان ومهارة؛ فاستحضري ثواب طاعة زوجك، وحفظ كرامتك، وخدمة الأسرة والأولاد، ومن المعلوم أن (مالا يتم الواجب إلا به، فهو واجب، والوسائل لها أحكام الغايات والمقاصد)، فلا يتم حفظ المصالح الأسرية إلا بتعلم الوسائل المتعينة لها، وإتقان العمل بها، الأمر الذي أوصيك بالثبات عليه -وفقك الله-.
كما أن تحليك بخلق الصبر والحلم والدفع بالتي هي أحسن، وحسن الخدمة، والمعاملة لزوجك وأسرته مما يسهم في تحصيل السعادة الزوجية والأسرية عامة، وتخفيف حدة المشكلة ولم الشمل.
كما وأوصيك بحسن الظن بالله، والتفاؤل والأمل، وتعزيز الثقة بالنفس، وترك الحساسية المفرطة في التعامل مع المشكلات، والحرص على الاشتغال بما ينفعك في أمور دينك ودنياك على أكمل وجه ممكن، وفي الحديث (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف... احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم، والأيام بعون الله تعالى كفيلة بتجاوزك لمشكلاتك.
ومما يسهم في تحصيل عون الرحمن، وتحصيل الراحة والاطمئنان، الحرص على تنمية الإيمان بطلب العلم النافع والعمل الصالح، وملازمة ذكر الله تعالى، وقراءة القرآن، قال تعالى: (ومن يؤمن بالله يهد قلبه)، وقال سبحانه: (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى)، وقال جل جلاله: (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، وفي الحديث: (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك)، كما وأن لزوم الصحبة الصالحة، فهي التي تذكرك إذا نسيت، وتعلمك إذا جهلت، وتنبهك إذا غفلت، فهي خير عدة لأوقات الرخاء والشدة، وفي الحديث: (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل).
ضرورة الصبر منك على ظروف زوجك المادية وتفهمه ومراعاته، وعدم جرح مشاعره وكرامته بطلب الطلاق من غير ضرورة، وفي الحديث: (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فقد حرم الله عليها الجنة...)، مع النصح لك بالصبر على ظروفه، لاسيما مع عدم شكواك سوء أخلاق زوجك -حفظكما الله-، وهذه نعمة يجب المقابلة لها بعبادة الشكر، كما يجب عليك المقابلة للبلاء بعبادة الصبر، والرضا بالقضاء والقدر.
من الواجب على زوجك توفير بيت مستقل، ولو مسكن مستقل صغير ومتواضع ملحق بالبيت إن لم يمكن خارجه ومجاورا له، لحفظ خصوصياتكم الزوجية.
ضرورة أن يتحلى زوجك ببعض الحزم الواجب، إضافة إلى واجب بر الوالدين، وصلة الأرحام، وحسن المعاملة مع أسرته، وأن يتدخل مع بعض العقلاء الحكماء من الأقارب لإصلاح ذات البين، ونبذ حالة الخصومة والقطيعة بينك وبين أسرة زوجك، ولو بنسبة متواضعة بالتدرج طريقا إلى إصلاح العلاقة الشاملة، لاسيما وأن الأسباب الداعية إلى الخصومة متواضعة إذا تواضع الطرفان بالتفهم والاعتذار والتصالح والتسامح (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء).
أسأل الله تعالى أن يفرج همك، ويكشف غمك، ويشرح صدرك، وييسر أمرك، ويجمع شملك وزوجك والأسرة على خير، ويرزقكم سعادة الدنيا والآخرة.