السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
الزواج قضاء وقدر، فهل الطلاق كذلك قضاء و قدر؟
تزوجت وبعد سنة تطلقت بسبب تحكم عائلة طليقي به، وبعد مرور ثلاث سنوات قام شخص في الخارج بطلب يدي، وتعرفت عليه بنية الزواج، وكانت هناك مكالمات هاتفية غير منقطعة وحدوث مشاكل وخصام بسبب عدم التزامه وقدومه من أوروبا لظروفه الشخصية أو المادية، لأجد نفسي أنه وبعد مرور 4 سنوات على التعارف معه قد افترقنا لسبب تافه، فقدت من خلالها فرصا أخرى للزواج وأنا في انتظاره، لأجد نفسي في موقف محرج مع عائلتي والناس بسبب معرفة الجميع بكونه طلب يدي، كما أنني قمت باستعدادات الزواج وصرف مبلغ مالي مهم في التحضيرات.
أحس بالاكتئاب النفسي، فهل أنا آثمة بسبب علاقتي معه حتى لو كانت بنية الزواج؟ وهل هو مذنب بعدم التزامه بالزواج؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفصة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك – أختي الفاضلة – وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع وحرصك على مراجعة من تأنسين منهم موافقة الشرع فيما يهمك من أمورك, فأسأل الله تعالى أن يفرج همك ويشرح صدرك ويرزقنا وإياك الثبات على الدين والهداية إلى صراطه المستقيم .. آمـين.
- لا شك أني أجدني متعاطفا ومتفهما لمشكلتك ومتاعبك النفسية وإخفاقاتك في علاقتك الزوجية, إلا أن العاقل – وهو ما آمله وأرجوه فيك – يمكنه الاستفادة من دروس الحياة وابتلاءاتها المتنوعة, فهي توسع التجارب والخبرة والحكمة لدينا, وتسهم في عدم تكرارها والوقوع في أخطائها, كما والابتلاء سنة إلهية, والمبتلى يثاب يوم الجزاء بالصبر على البلاء والرضا بالقضاء, فالبلاء كفارة للذنوب والسيئات ورفعة له في الدرجات, كما في الحديث: (ولا يزال البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة).
- أما بخصوص سؤالك: هل الطلاق كالزواج قضاء وقدر؟ فالجواب قطعا نعم بلا شك؛ لعموم قوله تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير * لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور).
- مما يسهم في تخفيف حدة الهم والضيق عليك استحضار ما سبق من الصبر على البلاء, وأن تتذكري غيرك ممن ابتلوا بأعظم من ذلك, وتحسني الظن بالله تعالى, وتعززي الثقة بنفسك وقوة إرادتك على احتمال المتاعب, وتستحضري قوله تعالى: (لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم) (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون), وما يدريك لعل الخير في تركك لزوجك وصديقك.
- لا شك أن علاقتك بالصديق علاقة محرمة تستوجب منك التوبة والاستغفار منها, فلا صداقة بين الرجال والنساء، ولا عذر لك بدعوى استعداده بالتزام الزواج منك, هذا التواصل شرعا محرم لتجاوزه الحدود والضوابط الشرعية, إلا أن الواجب أن تحمدي الله عليه, فالترك لمثله من البداية, وإن ترتب عليه الشعور بالخذلان والقهر, خير مما قد يترتب عليه من شرور ومفاسد وأحزان في النهاية.
- أوصيك – أختي العزيزة – بحسن الظن بالله والتوبة الصادقة وملازمة الدعاء والأذكار وقراءة القرآن والصحبة الطيبة والتعلق بالله تعالى وحده مستحضرة قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (من تعلق بشيء عذب به)، وفي حديث آخر: (من تعلق بشيء وكل إليه), والمعنى أن الله تعالى يغار من تعلق العبد بشيء محرم أو تعلقه بغيره كتعلقه بربه أو أشد, فهو يعذب بهذا التعلق ويتخلى الرب تعالى عنه فيكله إلى نفسه والله المستعان.
أسأل الله أن يفرج همك ويغفر ذنبك ويستر عيبك وأن يعوضك خيرا مما أخذ منك, ويرزقك الزوج الصالح والحياة السعيدة في الدنيا والآخرة.