والدتي ترفض الزواج بعد أبي وجدتي مصرة على زواجها، فهل رفضها من العقوق؟

0 151

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع.

عندما كنت بعمر سنة، وكانت أمي حاملا ذهب والدي إلى الحرب ولم يعد إلى يومنا هذا، ولدت أمي أختي وعندما لم تستطع الحياة مع عماتي وعددهن عشر، فذهبت إلى أهلها، فطلبت منها جدتي أن تعيدنا أنا وأختي إلى أهل أبي، فرفضت أمي، وأيدها جدي، فبقينا معها عند أهلها.

كانت أمي كل شيء بالنسبة لنا، وكانت تعمل ليل نهار حتى لا ينقصنا شيء، وكانت صغيرة وجميلة جدا، تقدم لها الكثير لطلب الزواج، كانت ترفض باستمرار لأنها لا تستطيع تركنا، لأنها تعلم بمعاملة جدتي وخالاتي السيئة لنا، كنا نتعرض للسب والشتم والانتقاد المستمر، لدرجة أنها اتهمتنا بالدعارة والسرقة.

كبرنا وتزوجنا، وأصيبت خالتي بمرض السرطان وماتت، والآن جدتي تطلب من أمي الزواج من أرمل خالتي -هو في نفس الوقت خال والدي-، وأمي لا تريد الزواج.

نحن لا نعارض الزواج، ولكن أمي الآن بعمر 50 سنة، لا تستطيع أن تقوم بالأعمال المنزلية، هذا وقت راحتها، فقد تعبت كثيرا في حياتها، وجدتي تهددها أنها ستغضب عليها ولن تسامحها لو رفضت، فهل رفض أمي يعتبر من عقوق الوالدين؟

علما بأنه إذا تزوجت سنكون وحيدتين، لا أحد لنا بعد الله إلا أمي.

أشكركم، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة / سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

في العلاقات الأسرية بين الأقارب ننصح دائما بنسيان الماضي وعدم استحضاره كلما حصلت قضية أو مشكلة، لأنه يسبب عائقا أمام أي حل.

ما حصل لكما في طفولتكما وخلال مراحل حياتكما من أذى أو معاملات سيئة من الآخرين ينبغي عليكما أن تحاولا نسيانه، واحتسبا أجرها عند الله، فإن الله مطلع على خلقه، وهو حكم عدل، ولا يظلم ربك أحدا، ولأن بقاءه في أذهانكما يؤثر على نفسياتكما وموقفكما تجاه الآخرين، وتذكرا قول الله: ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله).

طالما أن خالتكما قد توفيت فينبغي عليكما العفو عنها والاستغفار لها وإعذارها فيما فعلت بكما؛ فهي بحاجة إلى عفوكما ودعائكما، فإن فعلتما ذلك كتب الله لكما الأجر وحمد صنيعكما الآخرون، فإن الإنسان يكبر في أعين الآخرين بعفوه وحسن تصرفه!

أما موضوع زواج أمك من زوج خالتك فهو حق لأمك، هي من يتخذ فيه القرار تبعا للمصلحة والمفسدة المترتبة عليه، لأن من شروط النكاح رضا المرأة وقبولها بالزواج؛ لحديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا الأيم حتى تستأمر، قالوا: يا رسول الله، كيف إذنها؟ قال: أن تسكت " أخرجه البخاري ومسلم.

لا يصح لجدتك إرغام أمك على الزواج بمن لا تريد، لأن هذا حق للأمك خاصة وهي أرملة، وبهذا السن تعرف ما يصلح لها، ولكن إذا كان الرجل صالحا في دينه وخلقه، ورضيته جدتك لأمك، وأمك ترغب بالنكاح، فلا بأس بإقناع والدتك بالموافقة عليه برا بوالدتها وطاعة لها، وعملا بحديث ( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه) أخرجه الترمذي.

أما إذا كانت هذه الطاعة للوالدة قد تسبب فرقة بعد الزواج بسبب عدم الرغبة بالزواج أصلا أو عدم الرضا بالزوج ذاته؛ فإنه لا يلزم أمك الموافقة عليه، ولا تعتبر أمك عاصية إذا لم تطع أمها في ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:" وليس للأبوين إلزام الولد بنكاح من لا يريد، فإن امتنع فلا يكون عاقا " الاختيارات ( 344 ) .

نسأل الله لكما التوفيق والصلاح والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات