السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم شكرا جزيلا على هذا الموقع.
أنا فتاة عمري 25 سنة، غير متزوجة، أتممت دراستي الجامعية وأعيش مع أهلي بسلام، وعائلتي جدا متفهمة وراقية.
أعاني من حساسية وراثية في الجلد والعينين من بعض المأكولات، وأثرت حساسية الجلد على مساحات كبيرة في جسدي، وكذلك حساسية العيون، من تهدل في الأجفان وسواد شديد حول العين، ولله الحمد رزقني تعالى ملامح الجمال، وأحاول بكل مقدرتي أن أعالج كل هذا.
أصابتني في الصغر حمى روماتيزمية أزلت على أثرها اللوز، ولكن الألم كان في أنها أثرت على الصمام، كبرت ومرت الأيام وبدأ نمو الثديين وبروزهما، كبر أحدهما وبقي الآخر صغيرا جدا، وواضحا للجميع، بدأت السخرية والاستهزاء من المجتمع المحيط، وذهبت أجري فحوصات لأعرف ما السبب، واكتشفت حينها أن لدي ارتجاعا في الصمام المترالي درجته 3، فذهبت وعملت تجميلا للثدي، وكان الموضوع متعبا جدا ومؤلما.
بدأ وزني في الازدياد فوصل إلى 100 كلغ، وأصبت بارتفاع شديد في ضغط الدم، وقررت عمل عملية التكميم، بعد العملية تأثر الثدي بشكل كبير، وأعدت عملية التجميل، والمشكلة الآن أصبح الارتجاع درجته 3.2.
الآن أرى جميع من حولي من زوجات وأمهات أو مخطوبات في عائلتي أو الجيران والأصدقاء ومن هم أصغر مني، وأشعر برغبة شديدة في الزواج لأحصن نفسي وأنجب أطفالا وأسعد بحياتي، ويعلم الله أني لا أشعر بالحسد أو الحقد، وأتمنى للجميع السعادة.
التفكير بالأمراض والعمليات التي عملتها تجعلني أبكي بحرقة، لأني أخشى أن لا يتقبلها أي خاطب، علما أنه تقدم لي أشخاص لا تناسبني أخلاقهم أو سمعتهم، وقبل سنة تقريبا جاءت إحدى العائلات لخطبتي ولكن بعدما رأوني ذهبوا ولم يعاودوا الاتصال، أعيش على أمل، وتقول لي أمي أنه سيأتي من يقدر الظروف، لكن متى؟ أشعر بأن الحياة كئيبة وضيقة، وأرغب فيها بزوج وأسرة، وأن لا ينظر لي بعين الشفقة والحزن.
بالنسبة للارتجاع أتابع مع طبيب القلب، ولا أشعر بأي شيء غير طبيعي، ولا أستخدم أدوية، لأن رأي الطبيب أني لا أحتاجها مع الانتظام على عمل الأيكو، وكذلك أجري فحوصات دورية للدم والفيتامينات، وكل شيء سليم -الحمد لله-.
أعتذر على الارتباك في الاستشارة، ولكنني كتبتها أثناء البكاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ee ss ss حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأتفهم مشاعرك - يا ابنتي- لكن لا عذر لك في تضخيمها بهذا الشكل, ووالدتك الفاضلة محقة في وجهة نظرها فأنت ما زلت شابة والحياة أمامك وفرصتك في الزواج لم تفت.
نعم -يا ابنتي- كل إنسان رجلا كان أم امرأة يطمح إلى الزواج وإلى تشكيل أسرة, هذه هي الفطرة السليمة، لكن من الخطأ اختزال الحياة بفكرة الزواج فقط أو النظر إلى الزواج على أنه الطريق الوحيد لتحقيق السعادة والنجاح في هذه الحياة, فالزواج الناجح هو أحد الطرق فقط التي يمكن أن تشعر الإنسان بالسعادة وليس كلها، وهو رزق كباقي الرزق الذي كتبه الله لنا، وكوني على يقين بأنك ستنالين رزقك عندما يشاء عز وجل, وإلى أن يحين موعد ذلك الرزق، فالمطلوب منك هو أن لا تعطلي حياتك وتجلسي بانتظاره.
نصيحتي لك -أيتها العزيزة- بعدم التركيز على فكرة الزواج بهذا الشكل, فكلما زاد تفكيرك في هذا الأمر وانشغل ذهنك به كلما تعمقت الفكرة أكثر وتحولت إلى هاجس قد يعطل قدراتك ويسلب طاقاتك, ويقودك إلى العزلة, وتذكري دوما بأن هنالك أمور في الحياة لا نملك التحكم فيها، وليس لدينا السيطرة الكاملة عليها، وهي من علم الغيب, تذكرك لهذه البديهيات باستمرار سيمدك بالقوة والرضا.
ولذلك فإنني أنصحك أيضا بسبر أغوار نفسك والبحث عن طموحاتك وأحلامك الأخرى التي قد تكوني همشتيها بسبب كثرة تفكيرك بأمر الزواج, ثم استفيدي من كل طاقاتك ووقتك في التخطيط الجيد من أجل تحقيق هذه الطموحات والأحلام، هنا ستعيشين حياتك بشكل طبيعي وعفوي وستحققين أحلامك وطموحاتك، مع بقاء فكرة الزواج حية في ذهنك, فإذا ما حدث وتقدم لك الشخص المناسب والذي ترضين دينه وخلقه, حينها ستشعرين بسعادة أكبر لأنك لم تعطلي حياتك ولم تدفني طموحاتك بانتظار أمر ليس لك سيطرة عليه.
وبالطبع -يا ابنتي- يجب أن تحمدي الله عز وجل على نعمه الكثيرة التي حباك بها، والتي قد لا تكوني منتبهة إليها الآن, فأنت إنسانة متعلمة ومن عائلة راقية متفهمة وتملك قسطا وافرا من الجمال والذكاء, وتذكري أيضا بأن كل المشاكل الصحية التي تعانين منها هي مشاكل قابلة للعلاج، فهذه بعض من النعم الكثيرة التي قد من بها عليك رب العالمين, والتي بكل تأكيد لو أنك خيرت فستفضلينها على خيارات أخرى.
أن المرض ليس عيبا, ولا ينقص من قدر الإنسان، ومن ينظر له على أنه كذلك فهو إنسان غير ناضج ولا يستحقك, وتأكدي بأن الكثيرين من طالبي الزواج يهمهم الجوهر وليس المظهر, فاصبري وانتظري من يستحق جوهرك.
أتمنى لك كل التوفيق بإذن الله تعالى.