السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا: أشكر كل من ساهم في إثراء الخير، وأشكركم عل كل الجهود المبذولة من أجل إيصال المعلومات والإجابة التي انتفعت بها في عدة استشارات.
أنا شاب، عمري 26 سنة، أريد استشارتكم في أمر الزواج، فأنا أرغب كثيرا في الزواج؛ لأن لدي شهوة كبيرة، وأجاهد نفسي كثيرا لاجتناب المحرمات، -ولله الحمد- اجتنبت التفكير في الجنس، واتبعت الطرق التي نصحتم بها في هذا الموقع، ولكن أحيانا تأتيني شهوة قوية، وقد نصحتم في هذا الموقع عدة شباب راغبين بالزواج بالإسراع في الزواج في هذه الحالة، ولكن بالنسبة لي توظفت منذ 5 أشهر تقريبا، ولم أستلم راتبي إلى الآن، وأنا أرغب في الزواج في العاجل، أو هذه السنة رغم عدم استطاعتي، وليس لدي سكن، ولكنني واثق من إعانة الله لي فما رأيكم؟
كما أحيطكم علما أن لدي اثنان من الإخوة أكبر مني سنا لم يتزوجا إلى الآن، ولدي أخ أكبر مني متزوج، وهو دائما يتدخل في شؤون من يريد الزواج ويريد تطبيق رأيه، وإن تكلمت معهم عن مسألة الزواج ربما لا يوافقوا؛ لأنهم لا يعلمون عن حالي وعن رغبتي الشديدة في الزواج والاستقرار، فماذا أفعل تجاههم؟ وما نصيحتكم لي؟
وجزاكم الله كل خير، وبارك الله فيكم، وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن أفضل ما يطفئ نار الشهوة الزواج، وأن يعجل الإنسان في ذلك خاصة في زمن كثرت فيه الفتن.
- عليك أن تجمع المال كي تصبح قادرا على تحمل نفقات البيت، وعليك أن تكون جاهزا لذلك ولو على الحد الأدنى.
- لا تعلق نفسك بالزواج ولا تحدثها به في هذه المرحلة طالما أنت لست جاهزا؛ لأن كثرة التفكير والتحدث حول الزواج سيشغل بالك، وسيجعلك قلقا للغاية.
- حين تكون جاهزا للزواج فلن يستطيع أحدا أن يتدخل في حياتك، ولا تلتفت لبقية إخوانك كونهم لم يتزوجوا طالما وأنت من سينفق المال على زواجك.
- قوة الإيمان وتوثيق الصلة بالله مطلوبة في هذه المرحلة على وجه الخصوص؛ حتى تكون موفقا في حياتك.
- عليك بالصوم في هذه المرحلة؛ لأنه من العلاج النبوي للحد من الشهوة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
- غض بصرك عما يثير الشهوة فذلك من العلاج الرباني لمعالجة الوقوع في الحرام، يقول تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ۚ ذٰلك أزكىٰ لهم ۗ إن الله خبير بما يصنعون).
-وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن الأولى لك والثانية عليك)، ويقول العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى: (النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، ومن أطلق لحظاته دامت حسراته).
ولغض البصر فوائد كثيرة منها:
ـ أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعل فيه هلاك القلب.
ـ أنه يورث القلب أنسا بالله، وإطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ويبعده عن الله.
ـ أنه يسد على الشيطان مدخله إلى القلب فإنه يدخل مع النظرة وينفذ معها إلى القلب أسرع من نفوذ الهواء في المكان الخالي.
ـ أنه يفرغ القلب للتفكر في مصالحه والاشتغال بها.
ـ أن بين العين والقلب منفذا وطريقا يوجب انفصال أحدهما عن الآخر، وأن كلا منهما يصلح بصلاح الآخر ويفسد بفساده، فإذا فسد القلب فسد النظر، وإذا فسد النظر فسد القلب.
ـ يبقي المودة بين الزوجين، وبه تكتمل صورة العفاف بينهما، وتستقيم العشرة.
ـ يعوض الله -عز وجل- من غض بصره لله من جنس فعله بما هو خير، فيطلق نور بصيرته ويفتح عليه ففي الحديث: (إنك لن تدع شيئا لله عز وجل، إلا أبدلك الله به ما هو خير لك منه)، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والله تعالى يجزي العبد على عمله بما هو من جنس عمله، فغض بصره عما حرم يعوضه الله عليه من جنسه بما هو خير منه، فيطلق نور بصيرته، ويفتح عليه باب العمل والمعرفة والكشوف، ونحو ذلك مما ينال ببصيرة القلب".
- أثبتت بعض الدراسات الاجتماعية في بلاد الغرب أن عدم غض البصر يورث الاكتئاب والأمراض النفسية، كما أنه يفضي إلى مشاكل صحية عديدة منها: إصابة جهازه التناسلي بأمراض وخيمة مثل: احتقان البروستاتا، أو الضعف الجنسي، والسبب في ذلك انعدام القيم التي تنظم عمل حاسة البصر، ولذلك أمرنا الله تعالى في كتابه الكريم ورسوله -صلى الله عليه وسلم- في سنته بغض أبصارنا؛ تجنبا لهذه العواقب الوخيمة.
- تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد وسله أن يوسع في رزقك، وأن يحصن فرجك، ويرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك في أمر دينك ودنياك، وأكثر من دعاء ذي النون فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دعوة ذي النون، إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين؛ فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).
- ابحث عن عمل إضافي في وقت الفراغ كي توفر أكبر قدر ممكن من المال لتستطيع به إدارة شؤونك بشكل جيد.
- الزم الاستغفار وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لك التوفيق.