مظهري الخارجي جعلني أفقد ثقتي بنفسي تماما

0 177

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة، أعاني من انعدام الثقة بالنفس تماما، وأشك في قدراتي، وأرى أنني أغبى وأبشع الناس شكلا.

أقارن نفسي بالآخرين كثيرا، وأتساءل لم فلانة أجمل وأذكى مني؟ ليس عن حسد أو غيرة -معاذ الله-، ولكنها طبيعة تأصلت بي منذ الصغر، ونتيجة لذلك تأزمت حياتي، أحاول دوما أن أحمد الله على نعمه، وأذكر نفسي بأنه خلقنا في أحسن صورة، وأنه -سبحانه وتعالى- عدل في تقسيم أقدارنا، وأن أحب نفسي وأتقبلها كما هي، وأنني سأحاسب على ما أفعله بها أمام الله -عز وجل-.

تمر علي لحظات أضعف فيها، وأذم نفسي، وأقول: كم أنني قبيحة، بشعة، غبية وبليدة، وفي أحيان كثيرة أقاوم نفسي، فأنهض وأبدأ بالاعتناء ببشرتي، وصحتي، وأطالع كتبا متنوعة لأغذي عقلي، وأتقرب من الله سبحانه وتعالى أكثر، ثم لا ألبث أن تعود مشكلتي للظهور فأنزوي وحدي بعيدا، وأكره الخروج ولقاء الناس.

أنا كثيرة الصمت والخوف، وأعتذر من الجميع لسبب وبدون سبب، وأرى أنني المخطئة دوما، وأرى الكل أعلى مقاما مني، وأنني أدنى من الجميع، حتى تدهورت صحتي، وشحب وجهي، وغارت عيناي، وصرت أشبه بالميتة، ونزل مستواي الدراسي، بينما تقدمت صديقاتي بمستواهن الدراسي عني، ولا زلت أدور في الدوامة ذاتها منذ سنوات، صرت كثيرة النوم قليلة الهمة والنشاط، أكره المنافسة والتحديات، وأبغض النظر في المرآة، وأكره جسمي كثيرا.

أعاني منذ صغري من مشكلة التأتأة في الكلام، والخجل، وتطور الأمر لفقدان الشهية، وإن أجبرت نفسي على الطعام لا أستسيغه مطلقا رغم لذته، عرضتني أمي لشيخ رقاني بالرقية الشرعية، لكنني لم أحس بالفرق، وأعلم أن هناك من لديهم مشكلة أكبر من مشكلتي، لكنني أريد التخلص من مشكلتي هذه تماما، وأستغل شبابي في الإبداع، لأني في أحيان كثيرة أثق أنني أملك قدرات كثيرة تتيح لي ترك بصمة بقوة في هذه الحياة، والكل يشهد بذلك، لكنها -كما أسلفت- لحظات لا تلبث وتتلاشى.

أتمنى منكم المساعدة في أقرب فرصة، جزاكم الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كريمة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشكلة التحسس حول شكل الإنسان أو مظهره أو قبحه أو جماله ظاهرة نفسية في المقام الأول، وبعض الناس ينشغلون بهذا الأمر لدرجة الوسوسة، وربما يكون أصلا لديهم حساسيات في أنفسهم، أو نوع من النرجسية أو حب الذات، وحب الذات ليس أمرا سيئا، كل الناس يحبون أنفسهم، لكن يجب ألا يكون الأمر أمرا وسواسيا.

هذه الأعراض تنشأ منذ الطفولة المتأخرة، وربما تكوني أيضا سمعت تعليقا من أحد حول مظهرك أو شكلك، وهذا ثبت لديك هذا التحسس وعدم القبول لمظهرك أو شكلك أو أنك قبيحة.

الأمر إذا نحن نعتبره أمرا وسواسيا قلقيا، حتى وإن كان حقيقة، حتى وإن كان الإنسان ليس جميلا مثلا، لكن من طبيعة البشر أن تقبل ذواتها، لأن هذا هو خلق الله، ولله حكمة عظيمة في ذلك، كما أن الإنسان يجب ألا يحكم عليه من مظهره أو من شكله، الإنسان يحكم عليه من خلال أخلاقه وتصرفاته، ومستوى علمه، ومهاراته، وتدينه، وإفادته للناس ولنفسه، بهذه الكيفية يحكم على الإنسان وليس من خلال مظهره.

فيا -أيتها الفاضلة الكريمة-: حقري هذه الفكرة تماما، وأنا حقيقة أعجبتني منهجيتك في أنك تجاهدين نفسك لطرد هذه الفكرة وتحقيرها، لكن في بعض الأحيان تأتيك نوبات من الإحباط وافتقاد الدافعية حول قبول ذاتك، فحين تأتيك هذه اللحظات: غيري وضعك، أدخلي فكرة جديدة على نفسك، استغفري، خذي نفسا عميقا، أي شيء من هذه المدخلات التي تؤدي إلى صرف النظر وسوف تكون مفيدة.

ربط علماء السلوك والنفس هذه الظواهر -أي ظاهرة التحسس حول المظهر- بالوسواس، ولذا وجدوا أن بعض الأدوية المضادة للوساوس مفيدة جدا، خاصة الدواء الذي يسمى (بروزاك)، واسمه العلمي (فلوكستين)، وهو دواء سليم جدا، فأرى أيضا أنه يمكنك أن تجربي هذا الدواء بجرعة صغيرة ولمدة قصيرة، وهو فاعل جدا، الجرعة هي كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم تتوقفي عن تناوله.

وأريدك أيضا أن تكون لك برامج يومية تحسنين من خلالها إدارة الوقت، شيء من الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة، الاطلاع، القراءة، الصلاة في وقتها، الترفيه على النفس بما هو مفيد، ولا بد أن يكون لك وجود وبروز في أسرتك، لا تكوني شخصا مهمشا يعيش في الأسرة، لا، كوني في لبها وقلبها، وكوني فاعلة، وكوني مفيدة، وبهذه الكيفية سوف تتطور لديك قيمة الذات، وحين تتطور قيمة الذات يسهل عليك جدا قبول نفسك، من ناحية المظهر، من ناحية الشكل، من ناحية الطباع، من ناحية المهارات، من ناحية المقدرات الذهنية والعقلية والفكرية، هذا مهم جدا.

فإذا الإنسان يستطيع أن يطور نفسه، وهذا هو المطلوب، وأن يخرج نفسه من هذا النوع من الوسواس الذي أنت فيه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات