السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلتي تتلخص في والدي: فقد اكتشفت أنه يستخدم التكنولوجيا أسوأ استخدام، فأنا أحاربه بدون أن يعرف كي لا يصل للمعاصي، ولديه شك أني أحاول منعه، وغضب مني أنا ووالدتي لمحاولتنا منعه بدون أن يعرف، ولكن لديه شك.
بدأ يستخدم الألفاظ السيئة معي، فأثار هذا الموضوع اشمئزازي، ماذا أفعل معه؟ مع أنه يقيم جميع الصلوات، ولكن حقيقة ضجرت، لأن كل محاولاتي باءت بالفشل، وبصراحة معزته في قلبي قلة لما رأيته من أفعال لا تليق به، فهل علي إثم؟ فقد حاولت معه ولكن طريق المعصية أقرب إليه مني ومن كل الأسرة.
هو يحاول تحطيمي ويهددنى لأنه غير متأكد أنني أعرف عنه كل شيء يعمله، وذلك غير الأسلوب السيء بالتعامل مع الكل، على الرغم أني أحاول أن أكون بجواره بصفة مستمرة، ولكنه يحاول إبعادي عنه، وقد استقر بغرفة منفصلة وماسك الموبايل والانترنت، أقسم بالله تعبت ويصعب علي حاله في هذه السن، فالمفروض أن يكون قدوة لي ولأحفاده، ماذا أعمل معه؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mhmd حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إن والدك سبب وجودك في هذه الحياة، وقد أمرك الله ببره والإحسان إليه مهما عمل ومهما فعل من معاص، بل حتى لو كان كافرا، يقول تعالى: (وقضىٰ ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) وقال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) وقال في الوالد المشرك: (وإن جاهداك علىٰ أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا).
قد يمر الإنسان في حالة ضعف إيمان فيقع في المعصية مع استمراره في أداء الطاعات، وهذا يدل على بقاء الخير فيه، وينبغي أن يستغل بقاء الخير في قلبه، مع نصحه برفق ولين، وبين الحين والآخر حتى لا يضجر أو يمل.
والدك أولى الناس برحمتك فاقترب منه أكثر، واستغل أوقات الصفاء عنده لنصحه بطريقة حكيمة، وبين له أنك على علم واطلاع بما يفعله إن كنت متيقنا من ذلك، ومهما قسى في التخاطب معك فإياك أن تنفر عنه أو تظهر له ازدراءك وسخطك، ولكن بين له رحمتك وخوفك عليه من أن يموت وهو على ذلك.
اجتهد في تقوية إيمانه من خلال الأعمال الصالحة، وخاصة الصوم وتلاوة القرآن، وسلط عليه الصالحين من أصدقائه دون أن يشعر أنك من طلب منهم ذلك، وليكن نصحهم بطريقة حكيمة، فلا تتركوه يختلي بنفسه في غرفة خاصة -إن استطعتم- لأن ذلك سيهيئ له الأجواء لمشاهدة ما يرغب وسيكون الشيطان منه أقرب.
استر على والدك، فمن ستر مسلما ستره الله، واستخدم معه أسلوب الترغيب والترهيب، فإنه أفضل أسلوب لإصلاح القلوب، وغير من أساليبك معه، وتصبر ولا تمل ولا تضجر، ومهما حاول إبعادك فاقترب منه أكثر، ولا بد أن تفرق بين بغض أبيك وبغض أفعاله، فبغض أفعاله واجب، لكن لا تبغضه لشخصه، كونه أبا، والكمال في البشر عزيز.
تراسل معه عبر وسائل التوصل الاجتماعي، وأرسل له المقاطع التي تخوفه من الله وتذكره بعواقب المعاصي، ولا تيأس فرب عبارة فتحت قلبه، ورب مشهد أبكى عينيه.
على والدتك أن تقترب منه أيضا وتلبي حاجته فيما أحل الله، فإن الإنسان إذا افتقد شيئا مما أحل الله له وضعف إيمانه ذهب يتسوله بالحرام عياذا بالله، وتضرعوا بالدعاء أثناء السجود، وسلوا الله تعالى أن يصلحه ويلهمه الرشد ويمن عليه بالتوبة والاستقامة، والله سبحانه قادر أن يستجيب لكم.
أكثروا من الاستغفار والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك من أسباب تفريج الهموم ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يقر عينيك بصلاح والدك، إنه سميع مجيب.