تغير أخلاق الزوج إلى القسوة والشكوك بعد خروجه من سجن الكفار

0 482

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا متزوجة وعندي خمسة أطفال، وزوجي حبس في لندن لمدة سنتين ونصف بسبب قانون الإرهاب الذي طبق في بريطانيا، وقبل ذلك كان هو يتحمل كل المسئولية من مصروف، وأنا لست مسئولة عن مصروف أو أية التزامات.

ولما خرج أصبح يشك في أني سوف أقتله في الليل أو أن أطلب له الشرطة! بالإضافة إلى أنه في السجن تعود المهدئات والمنوم، وفي البيت أصبح دائما يطفئ الأضواء ويضع ستارة إضافية فوق الشباك حتى يقدر أن ينام، فنحن في صراع دائم حول كل شيء، ويحاسبني: أين ذهبت ولماذا تأخرت! رغم أنني كنت أوصل الأولاد إلى المدرسة لأنه عندما تركته مرة ليوصلهم ـ كان ابني الكبير عمره سبع سنين والصغير عمره خمس سنين ـ تركهم يذهبون بالباص وحدهم إلى البيت.

وكذلك يقول للولد الكبير: اذهب إلى الطبيب لتحجز لي موعدا، أو يقول: اذهب إلى البريد لتعمل كذا، وأنا أقول له إنه ما زال صغيرا، ونحن في غربة أخاف عليه أن يأخذه أحد، فيقول لي: أنت لا تعرفين أو تفهمين شيئا، دعيه يعتمد على نفسه، أقول له: أنت طلعت من السجن بعد فترة غياب طويلة عنهم، يجب أن تقعد معهم وتقبلهم وتفهم ما يريدون بدل أن تتأمر عليهم وتصرخ فيهم طول الوقت.
فدائما على أقل شيء يرفع صوته ويصرخ ويستفزني، فأضطر أحيانا أن أرفع صوتي، وأنا لا أحب ذلك أمام الأولاد، فحتى البنت الكبيرة عمرها 11 سنة يصرخ عليها دائما، فخف أكلها وأصبحت تهرب من وجهه إذا رأته، ويقول: ابعثي بالبنت إلى الأردن حتى تتربى عند أهلي وتنشأ نشأة إسلامية بعيدا عن الفساد في أوروبا.

أنا بعد المشاكل التي يعملها مع البنت قررت فعلا أن أبعثها إلى الأردن رغم أنها سوف تبعد عني، ولكن أمي رحيمة عليها وأحسن لها من هذا الأب المتوتر والعصبي طول الوقت، وكذلك كان الناس يمدحونني عنده أني صبرت على هذه المحنة وحافظت على أولاده طول هذه الفترة، فأخذ يذمني عند كل إنسان مدحني، ويشوه صورتي ويقول أني لم أحافظ على المال، وأصبح رصيدي مديونا، ويقول لهم: إني أريد أن أقتله، وكثيرا من مخاوفه، ويقول كل شيء لمن يعرفه معرفة جيدة أو لإنسان معرفة طريق!

هو عصبي ولا ينفذ إلا الذي يريده، والكل نصحه في تغيير طريقة تفكيره، فهو يريد من الشرطة أن تفك القيد الذي وضعته في قدمه فاحتج أنه مريض ليذهب إلى المستشفى، فهنالك يعيش من غير قيد أو مراقبة الشرطة، وعندما قعد في المستشفى فترة ورجع إلى البيت رفض اتباع الأوامر بإرجاع القيد مرة أخرى، يعتقد بأنهم إذا علموا أنه مريض فسوف يلبون طلباته، ولكن حصل العكس وذهب إلى السجن مرة أخرى لفترة بسيطة.

وأنا أخاف من هذه الأمور أن تؤثر على نفسيات الأولاد، دائما يرون أباهم بين السجن والمستشفى، فهو يريدني أن أرد على كل شيء يريده حتى لو كان على حساب صحتي وأعصابي، فخروجه من السجن أتعبني أكثر، فبدل أن يشكرني على صبري وأني رعيت له أولاده وتحملت كل شيء وحدي في هذه الغربة، يزيد علي ويعنفني ويصرخ علي طول الوقت.

ووصل الأمر بيني وبينه للطلاق ثلاث مرات؛ لأنه لا يريد التفاهم وينفذ ما برأسه، وكل هذه المشاكل والصراخ أنا مستعدة أن أصبر عليها، ولكن الأولاد أخاف أن يدمر شخصيتهم بأسلوبه وطريقته في التعامل، وكذلك كانت يده ماسكة علينا في المصروف قبل السجن، وبعد ذلك أصبح أكثر من ذلك، ولا يريد أن يعطيني شيئا من المصروف، أما مع الناس في الخارج فكريم جدا.

انصحوني أرجوكم ماذا أعمل معه؟ وكيف أتصرف، فهو الآن له تقريبا شهران خارج السجن والوضع معه من سيئ إلى أسوأ؟ فهل لي أن أطلب الطلاق منه أم ماذا أفعل، لأني سايرته في كل شيء ولكن دون جدوى معه؟
وكذلك هو يأخذ هذه الأدوية من غير انتظام مثل:Esomeprazole ,diazepam and temazepam وكثير غيرها، هل إذا أخذها بشكل غير منتظم ستؤثر عليه ويحتاج إلى أقوى منها بعد ذلك، أم إذا انتظم عليها فسوف تتحسن نفسيته، ويقدر بعد ذلك أن يتوقف عنها في المستقبل؟
أفيدوني فأنا أكاد أنفجر، ودائما أبكي وأتألم، لا أعلم ماذا أصنع معه، وهل أدع ابنتي الكبرى تذهب إلى الأردن وحدها عند أمي؟
أرجوكم سامحوني على الإطالة، ولكني أخاف على أولادي منه، لأنه أحيانا لا يكون في وعيه ويقول شيئا ثم يغيره؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Dina حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!

فإن الزوجة الوفية تشكر لزوجها وتعرف له قدره، وتصبر على ما يتعرض له وما يصاب به من أمراض وأزمات، وهكذا يفعل الزوج إذا حصل لزوجته مكروه، ونسأل الله أن ينتقم من الظالمين في كل زمان ومكان، وأن يرزقنا جميعا الصبر على البلاء والشكر عند النعماء.

ولا يخفى على أمثالك ما يتعرض له السجناء من ضغوط نفسية، ووسائل تعذيب شيطانية قد تترك آثارا سلبية على الإنسان هذا الكائن الضعيف، ولكن إذا عرف السبب بطل العجب!

والمؤمن يهيئ نفسه للتعامل مع الصعاب؛ لأنه ينطلق من هذه العقيدة ويرغب في الأجر والثواب، وعندما يتذكر لذة الثواب ينسى ما يجد من آلام، و(عجبا لأمر المؤمن أن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)، فلابد من تقدير الأحوال والأهوال التي مر بها زوجك، واحرصي كذلك على تدريب الأبناء – بارك الله فيهم – على تحمل المسؤوليات، فإن شدة الشفقة تضر الأبناء كما يضرهم الإهمال أو تكليفهم فوق طاقتهم، وشجعي الأبناء على الصبر والتحمل، فهذا والدهم وقد حصل له ما تعرفون، وأرجو أن تحاولي تفادي الأشياء التي تغضبه، فلكل شيء سبب.

كما أرجو تقدير دوافعه الطيبة، فهو يريد أبناء ناضجين يعتمدون بعد الله على أنفسهم، ويخاف على بنته ويغار عليها، رغم أننا لا نوافقه على طريقته، ولكن إذا شعر الأبناء بأنه يريد لهم الخير، فإن ذلك يساعدكم على الصبر والتحمل.

وإذا مدحك الناس أمامه على صبرك فاشكريه أمامهم على إحسانه، وقولي للناس: الفضل له، هو الذي علمنا تحمل الصعاب، وبدأ ذلك بنفسه ونحن فخورون به، ولا نستطيع أن نستغني عنه بعد الله؛ لأن بعض الناس لا يرضى أن يثني الناس على غيره ويتركونه، ولاشك أننا جميعا نفخر بكل من يبتلى من أجل دينه، ونسأل الله أن يرزقه وإخواننا الإخلاص.

والذي يظهر أنه تعرض لضغوط عنيفة ومشاكل كبيرة في سجنه، ولعل الأساليب المتبعة في التحقيقات تجعل الإنسان يشعر أن للحيطان آذانا، كما أن المحققين قد يستعملون أساليب تؤثر على العقل والأعصاب لانتزاع الاعترافات، وذلك مما لا يرضي الله، (( وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ))[الشعراء:227].

وأرجو أن يتفهم الأبناء ظروف وحالة هذا الوالد، ولست أدري أليس من المصلحة العودة إلى بلدكم المسلم ليأمن الأولاد في صحبة الأهل والأجداد، وليس هناك خير في الإقامة بين أظهر المشركين، فكيف إذا كان الإنسان مع ذلك يتعرض للأذى والمطاردة.

وأرجو أن تحرصي على مناقشته بعيدا عن الأطفال بقدر الإمكان، ولا نفضل الطلاق، ولكن الصواب تغيير البيئة والاجتهاد في الصبر والتحمل، وسوف يجعل الله بفضله بعد عسر يسرا.

أما بالنسبة للأدوية فلابد أن يستخدمها بإشراف الأطباء حتى لا تكون لها أضرار، وأرجو أن تطلبي ممن يحترمهم من زملائه أن ينصحوه دون أن يعرف أنك طلبت ذلك، واعرضي عليه فكرة العودة إلى بلدكم المسلم، وحاولي تجنب إثارة المشاكل، واحتملي الأمور الصغيرة، ولا تكثري معه الجدال، وقدري ظرفه، ونحن نبشرك بثواب الصابرات، وإذا تذكر الإنسان لذة الثواب نسي ما يجد من الآلام.

وعليك بكثرة الدعاء والذكر والصلاة، وربي أولادك على طاعة الله، وشجعيهم على بر هذا الوالد.

ونسأل الله أن يفرج الكروب وأن يغفر الذنوب.

مواد ذات صلة

الاستشارات