كنت قمة في الإيجابية ثم أصبت بتبلد المشاعر، فما علاج ذلك؟

0 199

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة عمري 19 سنة، أعاني منذ فترة من تبلد المشاعر، يعني لا أحزن، ولا أفرح، رغم محاولاتي بقدر الإمكان للفرح، ولكن دون جدوى.

أستغرب من نفسي كثيرا، فكنت إنسانة قمة في الإيجابية، وكانت أبسط الاشياء تسعدني، وكنت مليئة بالطاقه والنشاط، وأشعر بالسلام الداخلي، وخصوصا أنني كنت قريبة من الله، فكنت مؤمنة بشدة أن لكل مشكلة حل، وكنت أستغرب من الناس المتشائمة والسلبية، وأحاول تغييرهم بكل حماس وإحساس وحب.

عندما حاولت حل مشكلتي، تذكرت أنني مررت بفترة من التوتر النفسي في السنة الأولى في الجامعة، وكنت أعاني الأرق ليلا، فلم أكن أستطيع النوم أكثر من 3 ساعات، وفي رمضان كنت أعاني من كسل وضيق شديد في صدري، وأبكي من أي شيء.

مرت تلك الفترة بهدوء، وحاولت إرغام نفسي على ممارسة الأشياء التي أحبها دون جدوى، والتقرب من الله تعالى، حتى اختفت تلك الأعراض لفترة ثم عاد لي التبلد مرة أخرى، فلا أشعر بأي شيء سلبي أو إيجابي، وكنت قد قرأت عن حالتي أنها تسمى انهدونيا، وقد تكون أعراض اكتئابية، وهذا ما أخشاه، كما لاحظت ضعف التركيز والملاحظة أيضا، والآن أتصنع أنني أمارس حياتي بشكل طبيعي، لذلك لا أشعر بالراحة، وأشعر بثقل في قلبي، وخمول في العقل يمنعني من الاستيعاب.

عندما أشاهد أي فيديو مؤثر يقشعر جسمي، وتدمع عيني، وقد أبكي، لكنني أشعر أن مشاعري ناقصة، فهل هذه الأعراض التي بدأت معي في شهر رمضان ستختفي، وهل هي حالة دفاعية لجسمي، وهل لها علاقه بنقص الدوبامين، وهل يمكن للشخص العادي أن يستنزف مستقبلات الدوبامين؟

لا أعاني من أي وسواس، ولكن يقزلزن أحيانا أنني أعاني من الفصام، لكنني لا أستخدم أي أدوية، وزني مثالي، ولا أعاني من تكيس بالمبايض و insulin INsensitivity، ولم أذهب لأي طبيب نفسي، ولا أرغب باستخدام الأدوية، فما تشخيصكم لحالتي؟

أفيدوني مع الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

في البداية اطمئني فلن أصف لك دواء، ولكنني سأتناول المر من ناحية نفسية وسلوكية، ولكنني أنصحك وبقوة أن تستشيري طبيبة نسائية خبيرة بمسألة تكيس المبايض فهي من المسائل السهلة، وقد تذهب وحدها بدون أي علاج، فلا تخافي من هذا الأمر، وكوني مطمئنة، أما تحولك من شخصية مطمئنة ومليئة بالطاقة والنشاط، وتنعم بالسلام الداخلي إلى شخصية تعاني من تبلد المشاعر والاكتئاب، فأمر يحتاج إلى وقفة مع النفس، فالإنسان لا يتحول من حال إلى حال إلا بسبب مؤثرات خارجية، أو قناعات داخلية، أو مواقف ومشاكل كانت السبب في فتور المشاعر والميل إلى الحزن والاكتئاب، ولا سيما المشاكل العاطفية، فقد يؤدي فقدان شخص عزيز علينا فجأة إلى الإحساس بمثل هذا المشاعر، كما أن السماح للمشاعر السلبية بالسيطرة علينا، والغوص معها في أدق تفاصيلها يجعلنا نصاب بالإحباط والحزن.

بنيتي الفاضلة: قبل أن أدخل في التفاصيل لا بد لي من أن أخبرك بأمر وهو أن توصيفك لنفسك بأنك أصبت بتبلد مشاعر، فهذا من خلال قراءتي لسطور رسالتك القليلة لم أجده واضحا بل لديك من المشاعر الكثير، وخاصة أنك قلت: لأنني كنت شخص بقمة الإيجابية، وكانت أبسط الأشياء تسعدني، وكنت إنسانة مطمئنة مليئة بالطاقة والنشاط.

فالذي حدث لك أعتقد أنها ردود فعل مؤقته لحادث عارض، وأيا كان السبب فهو الآن من الماضي، وأنت في مقتبل العمر، والمستقبل أمامك، وبانتظارك، فأرى أن تطوي تلك الصفحات وتنطلقي من جديد.

وخير ما يعين الإنسان على الانطلاق بقوة عدة أمور منها:

1- تحديد الهدف: عليك أن تسألي نفسك ما هدفك في هذه الحياة، وماذا تودين أن تصبحي في المستقبل، وكيف يمكن استثمار ما تكسبينه من مهارات وخبرات في الجامعة في المجال العملي؟ عليك أن تجيبي على هذه الأسئلة، فتحديد الهدف هو بوصلة تمكنك من السير على هداها، وتعينك على تصحيح خطاك كلما بعدت، أو أخذتك إحباطات الحياة بعيدا، وبعد تحديد الهدف، اجعليه مكتوبا، وابدئي بالتعرف على شخصيات تميزت في المجال الذي اخترته، وتعلمي منهم، وراقبي خطواتهم وسلوكياتهم، فذلك سيعطيك قوة دفع إلى الأمام، وخططي لتكون الأولى على جامعتك هذا العام، واختاري منافسة لك من زميلاتك، فالتنافس أيضا يعطيك القوة والحماس.

2- ملء أوقات فراغك بالمفيد النافع، مثل القراءة والاطلاع سواء حول الثقافة العامة، فالطالب الجامعي لا بد أن يصقل شخصيته ويثقفها في شتى المواضيع والمجالات، أو من خلال ممارسة الرياضة إذ أنها تساعد في تنشيط الدماغ، وزيادة ضخ الأوكسجين مما يجعلك تشعرين بالنشاط والحيوية، تنظيم نزهات إلى الطبيعة فالتأمل والتفكر في الطبيعة بالإضافة إلى الهواء النظيف، والمناظر الرائعة تشعر النفس بالارتياح.

3- اجتناب العزلة والوحدة، فهما يساعدان كثيرا في زيادة المشاعر السلبية، وكذلك الجلوس أمام النت لساعات طويلة بلا فائدة وإنما لمجرد التسلية، يولد لديك خمولا وتكاسلا ويعيقك عن ممارسة نشاطك اليومي، مما يجعلك تشعرين بالاكتئاب والحزن والمشاعر السلبية.

4- تقوية الجانب الإيماني لديك، فالقرب من الله غنيمة ومكسب وفيه من اللذة والحلاوة ما لا يوصف، وهو العلاج الكافي الوافي لما أنت فيه من التخبط في مشاعرك، من خلال الالتزام بحلسات العلم في المسجد، مما يعينك على تزكية نفسك وتغلب على شيطانك، ويفقد عنك أغلال الخمول والحزن، حافظي على الفرائض في وقتها فهي من أحب الأعمال إلى الله، وكذلك السنن الراتبة، وليكن لديك رصيد من صلاة الليل، تقفين بها بين يدي الله -سبحانه وتعالى- وتلحين بالدعاء أن يشرحك لك صدرك ويدخل السرور إلى قلبك، وأكثري من الاستغفار، واحفظي جوارحك من الآثام والذنوب، ولا تستصغري من الذنوب شيئا، بل راقبي الله في كل حركاتك وسكناتك.

أسأل الله أن يرزقك قلبا شاكرا، ولسانا شاكرا، ونفسا راضية مطمئنة ويجعلك من أهل الفلاح في الدنيا والآخرة اللهم آمين.

مواد ذات صلة

الاستشارات