السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عمري 20 سنة، وأعاني من النحافة الشديد وصغر حجم الصدر بشكل ملحوظ جدا، أسمع الكثير من التعليقات والسخرية من صديقاتي وقريباتي، وسمعت بعض التعليقات من الشباب في الشارع، وكانت مواقف جارحة للغاية.
صغر حجم الصدر الذي أعانيه وراثي، ولا يتغير مع تغير وزني إلا بشكل بسيط جدا.
حالتي النفسية سيئة للغاية، وفقدت ثقتي بنفسي، ودائمة التفكير بهذا الموضوع، لدرجة أثرت على حياتي ودراستي بشكل كبير جدا، فأنا لا أشعر بأنني أنثى مثل بقية الفتيات، وهذا الأمر جعلني أتجنب الخروج من البيت والجلوس مع الفتيات، حتى لا أتعرض للكلام المؤذي.
أفكر بإجراء عملية تجميل لحقن الدهون بالصدر بشكل بسيط، لا أريد تغيير حجم الصدر بشكل كبير، فقط أريد أن أجعله يبدو طبيعيا مثل الفتيات، فما حكم ذلك؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بالفعل -يا ابنتي- إن أهم عامل يتحكم في شكل وحجم الثدي هو العامل الوراثي, والوراثة في هذه الحالة هي وراثة تراكمية، أي لا تتحكم فيها مورثة واحدة فقط, بل أكثر من مورثة، وتأتي من جهة الأم والأب ومن الأجيال السابقة لهما, ثم تتراكم تأثيرات كل تلك المورثات لتعطي الشكل والحجم النهائي.
وأتفهم مشاعرك -يا ابنتي-، لكن أريد ان أؤكد لك على نقطة مهمة، وهي: أنت التي تنظرين للأمر على أنه مشكلة, وأنت من يجعل منه معاناة كبيرة, وبالتالي بيدك أنت التحكم فيه إن شئت، وذلك عن طريق تغيير أفكارك وتغيير ردة فعلك على ما يقوله الآخرون.
فالحقيقة هي أن شكل الثدي وحجمه ليس هو ما يحدد شخصيتك، وليس هو ما يجذب الناس إليك أو ينفرهم منك, لكنك أنت التي رسخت ذلك الاعتقاد في ذهنك؛ بسبب تضخميك لهذه الأفكار, فحتى لو كنت قد سمعت بعض التعليقات بهذا الشأن من بعض الأشخاص السطحيين, إلا أن الغالبية العظمى ممن يشاهدونك لا يلتفتون إلى الأمر, بل يلتفتون إلى الصفات الأخرى التي تتمتعين بها, وليس صحيحا بأن جميع الرجال يحبذون الثدي الكبير أو يعتبرونه من معالم الأنوثة والجمال, فالكثير من الرجال يهمهم أولا جوهر الفتاة, وإذا نظرت من حولك فستجدين كثيرا من النماذج الناجحة لأمهات عظيمات وزوجات فاضلات، فعلى الرغم من أنهن لا يتمتعن بالمقاييس الجسدية والجمالية المثالية، لكن شخصياتهن الحكيمة والجذابة جعلت منهن نماذج رائعة يحتذى بها.
ومن أجل مساعدتك سأسرد لك بعض ما أظهرته الدراسات الحديثة في علم النفس والسلوك البشري، ومنها دراسة أظهرت بأن الأغنياء من الرجال والمتعلمين منهم ينجذبون أكثر إلى النساء ذوات النهود الصغيرة, وبينت بأن من ينجذبون إلى الحجم الكبير يميلون أكثر إلى التقليل من شأن المرأة، والنظر إليها بدونية، ويحصرون قيمتها في مقاييس معينة لجسدها, بالطبع هذه دراسات تتحدث عن نسب وميول في السلوك فقط, أي لا يجوز فيها التعميم.
إن للثدي الصغير ميزات صحية وجمالية عديدة, فهو على سبيل المثال لا يسبب حملا أو شدا على العمود الفقري, ولا يتهدل مبكرا كالثدي الكبير, بل يبقى محافظا على نهوده وتماسكه لفترة أطول، حتى بعد الحمل والإرضاع، وبعد سن انقطاع الدورة, وهذا يعطي للسيدة منظرا أكثر شبابا وحيوية.
ما قصدته -يا ابنتي- بأن لكل شيء محاسن ومساوئ, وما ترينه عيبا قد يكون بنظر الآخرين ميزة كبيرة.
على كل حال إن كان صغر الثدي عندك يسبب لك مشكلة حقيقية، أو معاناة نفسية كبيرة تؤثر على مسار حياتك, فالحل هنا هو باللجوء إلى الجراحة التجميلية، وذلك عن طريق زرع حشوات في الثدي, وهي عملية بسيطة نسبيا ولا تؤثر على الحمل والإرضاع مستقبلا, وعندما يكون هنالك ضرورة للعملية فإن الطب والشرع لا يختلفان, لكن تبقى نصيحتي الأهم لك هي بقبول نفسك على ما هي عليه، وشكر الخالق عز وجل على ما حباك به من نعم كثيرة تتمناها الكثيرات, وأهمها نعمة الصحة والعافية والتي أتمنى دوامها عليك -بإذن الله تعالى-.