السؤال
السلام عليكم
أنا شاب ذو خلق ودين، عمري 32 سنة، فقير، وعائلتنا كبيرة، ولدي إخوة معاقون، حينما أتقدم لأي فتاة للزواج يتم رفضي من أهل الفتاة، علما أنني تقدمت للكثير من الفتايات ولم ترفضني أي واحدة منهن، رغم أنني أستخير الله في كل خطبة، والمشكلة أن الذين رفضوني هم السواد الأعظم، والمحير في الأمر أن أهل الفتاة عندما يسألون عني يجدون الأخبار الطيبة.
أعتقد أن الدافع الذي يجعل الناس يرفضونني هو بسبب ظروف عائلتي، وهو ما شعرت به في آخر خطوبة من أحد المقربين من الفتاة التي أردت خطبتها بواسطة صديقي.
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
- بارك الله فيك -أخي الفاضل-، وأشكر لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع, سائلا الله تعالى أن يفرج همك وييسر أمرك ويفتح لك أبواب الرزق والخير، ويرزقك الزوجة الصالحة والحياة السعيدة في الدنيا والآخرة.
- بخصوص عوائق زواجك بسبب الفقر والعائلة الكبيرة، ووجود الإخوة المعاقين في الأسرة رغم تميزك بجوانب إيجابية كثيرة، كحسن الدين والخلق -وفقك الله ورعاك-, فالذي أنصحك به وجوب التحلي بالصبر الجميل على البلاء والشكر للنعماء والإيمان بالقدر، والرضا بالقضاء واستحضار الثواب والجزاء (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).
- كما وأوصيك بحسن الظن بالله تعالى، والتحلي بالثقة والإرادة والطموح والأمل والتفاؤل, وقطع أسباب اليأس والقنوط والإحباط, قال تعالى : (إن رحمة الله قريب من المحسنين), وقد صح في مسلم: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز).
- ولا شك أن هذه الابتلاءات المذكورة يمكن تجاوزها -بإذن الله تعالى- إذا توفرت منك عوامل الجد والاجتهاد بعد مكافحة بلاء الفقر بالصبر على التحصيل الدراسي، والسعي إلى التكسب والعمل وتحصيل الرزق، والدعاء لله تعالى دفعا لعائق (الباءة)، وهي العجز المالي والبدني؛ لما صح في الحديث: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج ؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج), ولا يكون الفقر معيبا في الزواج إلا إذا كان شديدا ومدقعا حد عدم القدرة على توفير الضروريات في النفقة والمعيشة, لقوله تعالى: (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم), ويمكن اختيار من تكافؤك في ظروفك المادية دفعا وقطعا للمعاذير.
- وأما عائق توفر العائلة الكبيرة, فلا يجب عليك تحمل مسؤولية العائلة والمعاقين من الناحية المادية إلا بقدر الحاجة فحسب, وقد قال تعالى: (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها), وكثيرا ما تكون العائلة الكبيرة مصدر قوة وعزة وخير حين التآلف والتعاون (وجعلناكم أكثر نفيرا), وقد صح في الحديث: (تناكحوا تكاثروا، فإني مفاخر بكم الأمم يوم القيامة).
- وأما إذا كانت الخشية من انتقال عدوى الإعاقة إلى الأولاد, فيمكن دفع هذه الشبهة وإزالة هذا الإشكال بالفحص الطبي اللازم, ولا مانع ولا عيب من توفره بحال أبدا للاطمئنان.
- ولا أفضل وأجمل بصدد تحصيل عون وتوفيق الرحمن وراحة البال والبركة في الرزق والسعادة والاطمئنان، ودفع وساوس النفس والهوى والشيطان، والفوز بالجنة والنجاة من النيران, من تعميق وتنمية الإيمان (ومن يؤمن بالله يهد قلبه)، بلزوم الذكر وطلب العلم النافع والعمل الصالح وقراءة القرآن (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون), وكذا لزوم الصحبة الطيبة واللجوء إلى الله تعالى، والإلحاح عليه بالدعاء والاستعانة به، والتوكل عليه والصبر والتقوى, والله الموفق والمستعان.
- أسأل الله تعالى أن يلهمك الصبر والحكمة والهدى والصواب والرشاد والتوفيق والسداد, ويرزقك الزوجة الصالحة والبركة في المال والعافية وسعة الرزق وسعادة الدنيا والآخرة.