زوجي يتأثر سريعاً ويقول بأن الزواج يشغله عن العلم!

0 25

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا امرأة متزوجة من رجل على خلق ودين، ملتزم جدا وطالب علم، ويعشق العلم كثيرا ويريد أن يصبح عالما.

تزوجني لإرضاء أمه فقط؛ فهو لا يفكر في الزواج من أي فتاة حتى يتفرغ للعلم، وبعد الزواج أحببنا بعضنا، وأنجبت طفلين، وبيننا احترام متبادل، وكنت نعم الزوجة، صبرت عليه ودعمته كثيرا، وحاول هو تعليمي وجعلي طالبة علم مثله، استجبت في بداية الأمر، وبعد 5 سنوات بدأ يقول: الزواج يشغله عن العلم ويريد الانفصال، علما أنه يقول ذلك حينما يكون مضغوطا نفسيا وعلميا، وبعد أن يهدأ يندم على ما قال.

زوجي يتأثر سريعا بكلام أي شخص، وبين الحين والآخر يذكرني بذلك، تعبت نفسيتي وتعب أولادي معي بسبب التوبيخ والصراخ والضرب أحيانا، وأنا ملمة بالكتب التربوية، وربيت أولادي على الدين والأخلاق، وكنت حريصة على كل شيء.

الآن زوجي يقول: أنت لا تحترميني أمام الأولاد وأنا نفرت منك، ماذا أفعل لأصلح بيتي، وأصلح أولادي؟ كيف أتعامل معهم؟ ولدي الأول أناني، والثاني عدواني، وزوجي عصبي.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك -أختي الفاضلة- وأشكر لك حسن ظنك، وتواصلك مع الموقع، سائلا الله أن يفرج همك ويشرح صدرك، وييسر أمرك ويصلح ذريتك، ويجمع شملك وزوجك على سكن ومودة ورحمة وخير.

هنيئا لك ما من الله به عليك من حسن دين وخلق وتربية وحرص على الخير، ومن زوج صالح محب للعلم النافع، وحريص على تحصيله، الأمر الذي يسهم في تحصيل الخير والبركة والسعادة في الدنيا والآخرة.

يمكن معالجة ما ينغص ويعكر جمال وسعادة هذا الزواج بالحوار الهادئ والمتزن والحكيم مع زوجك، بتذكيره بالقدوة الحسنة، رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والذي شرع لنا الزواج، ولم يمنعه الزواج عن مهامه العظيمة في إصلاح الأمة، وإدارتها علميا وعمليا وأخلاقيا وسلوكيا وجهاديا وغيره، بل كان -كما لا يخفى- قد جمع بين تسع نسوة، وقد ثبت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قوله: (تزوجوا؛ فإن خير هذه الأمة صلى الله عليه وسلم، كان أكثرهم نساء)، وهكذا جرى -الصحابة الكرام- على سنته، وصح عنه -صلى الله عليه وسلم- قوله: (أما إني أصلي وأنام وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) متفق عليه، وقال -الله تعالى- عن -أنبيائه الكرام-: (وجعلنا لهم أزواجا وذرية).

المقصود أن الزواج لم يكن عائقا -للأنبياء العظام- ولا -الصحابة الكرام- عن طلب العلم النافع، والعمل الصالح، والدعوة إلى الله، وقيادة الأمة وإصلاح الحياة، بل أمر الشرع به ورغب فيه، وحث عليه، لما فيه من مصالح تحصيل العفة، وغض البصر، وإحصان الفرج، كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج)، كما أنه يسهم في تحصيل الراحة النفسية المعينة على النجاح في الحياة عامة، حيث -قال تعالى-: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون).

إذا كان المراد بطلب العلم التقرب إلى الله تعالى كما هو الأصل في النية الصالحة فيه وتحصيل الثواب والأجر، فإن الزواج يسهم في كفالة الزوجة والأولاد وتربية الأسرة، وتنشئة الجيل الصالح، ومفاخرة النبي الأنبياء والأمم بكثرة أمته يوم القيامة، كما صح في الحديث.

من المهم هنا أن أذكرك بضرورة الترغيب العملي لزوجك بالزواج، إضافة إلى ما سبق من الترغيب العلمي، وذلك بضرورة حرصك على التحلي بصفات الزوجة المثالية الصالحة، قال الله تعالى- مبينا مقاصد النكاح: (لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)، ومعنى السكن الأنس والراحة والاطمئنان، وكذا فلا بد أن ينبني الزواج على تبادل المودة والرحمة بين الزوجين، كما في الآية الكريمة، كذا ضرورة التحبب، والتودد، والتقرب، والتجمل لزوجك، والاهتمام والرعاية لحقوقه الزوجية في حسن المعاملة، والخدمة، والخلق، وتربية الأولاد، وعدم المبالغة في طلب النفقة ومراعاة ظروفه العلمية والمادية ونحوها؛ ذلك لأن الزواج وسيلة لتحصيل هذه المصالح والحقوق وغيرها للزوجين، ولا يجوز أن تكون وسيلة لضدها كما في بعض البيوت، حيث تفضي كثيرا إلى الإخفاق والطلاق والمتاعب النفسية والصحية، وغيرها.

ما دمت على مستوى طيب في الثقافة والتربية والدين والخلق، فأنصحك بكثرة القراءة في هذا الباب، والحرص على العمل بمقتضاه، مع أهمية التفرغ لرعاية حقوق الزوج والأطفال، وإعطاء ذلك الأولوية من وقتك وحياتك، واحتساب الثواب والأجر عليه.

ضرورة تشجيع وحث زوجك على الثبات على ما هو عليه من خير، ولزوم أهل العلم والصحبة الصالحة والعاقلة الواعية الملتزمة بمنهج التوسط والاعتدال، منعا من الوقوع في الغلو والتشدد اللذين يسهمان في تنغيص الحياة النفسية والأسرية، وهي مهمة تستلزم منك توفير القدوة الحسنة منك علميا وأخلاقيا، وذلك بلزوم الذكر، وقراءة القرآن، وطلب العلم النافع، والعمل الصالح، وحسن الدعوة إلى الله، والقيام بالحقوق الزوجية بقدر الإمكان.

أوصيك بالدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يصلح زوجك وأولادك، ويجمع شملكم والأسرة على خير: فمن دعاء الصالحين، (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما).

والله الموفق والمستعان.

مواد ذات صلة

الاستشارات