السؤال
السلام عليكم
أحب فتاة وظروفي لا تسمح لي أن أتقدم إليها إلا إذا كان لدي شقة، ومنذ سنتين وأنا أدعو أن تكون من نصيبي، لكني عرفت أن خطوبتها ستكون في هذا الأسبوع، فهل كانت شرا لي، أم الأدعية لم تقبل، أم أنها مرحلة وستمر في حياتها؟
هل أكمل الدعاء أن تكون من نصيبي، أم أن ذلك محرم وسأفرق بينها وبين خاطبها بسبب ذلك؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ amir حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك –أخي العزيز– وشكر الله لك حسن ظنك وتواصلك مع الموقع، سائلا الله تعالى أن يرزقك التوفيق والقبول والسداد، ويلهمك الصبر والهدى والرشاد والزوجة الصالحة، والحياة السعيدة الناجحة.
اعلم –أخي الفاضل وفقك الله– أن الدعاء كنز عظيم وسلاح متين ورابطة بين العبد وربه (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم صاغرين) وقال سبحانه: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون) وقال عز وجل: (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) .
واعلم أن الأمور كلها جارية وفق مشيئة الله وإرادته، وقد ورد في الصحيح قوله: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) وقرأ قوله تعالى: (فأما من أعطى واتقى*وصدق بالحسنى*فسنيسره لليسرى*وأما من بخل واستغنى*وكذب بالحسنى*فسنيسره للعسرى)، وأن هذه المشيئة الإلهية تابعة لكمال علم الله وحكمته (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما)، ولذا فمن الواجب أن يدعو العبد ربه سبحانه تعبدا مستشعرا كمال المحبة والذل والتعظيم له سبحانه، محتسبا الثواب والأجر، وعظمة الرب، وضعف النفس، وكمال الحكمة الإلهية، فالعبد لا يدري أين تكون مصلحته في عاجل أمره وآجله وفي دينه ودنياه، قال تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون)، ولهذا فإنه لا يخفى عليك صيرورة كثير من الزيجات التي كان ظاهرها الخير والرحمة إلى الضد من ذلك؛ حيث صار مآلها وعاقبتها إلى الإخفاق والطلاق والمتاعب النفسية وغيرها، كما قال تعالى عن حادثة الإفك وطعن المنافقين في عرض عائشة رضي الله عنها: (لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم..).
ولهذا فإن المشروع في حقك أن تستخير ربك وتدعوه، فتقول الدعاء المأثور: (اللهم إن كان في زواجي من الفتاة المذكورة خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فيسره لي، وإن كان فيه شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به)، ثم فإن الواجب عليك الرضا بما قسمه الله واختاره لك، واعتقاد أن فيه الخير والمصلحة، والتحري في اختيار الزوجة الصالحة بناء على المعايير الشرعية، والثقة بأن ما عند الله خير لك في دينك ودنياك.
ولابد من العلم –أخي الفاضل– أن الدعاء كغيره من الأمور لا يتحقق إلا بأمرين: توفر الشروط وانتفاء الموانع، فمن موانع إجابة الدعاء أكل الحرام، والاستعجال، وعدم حضور القلب، كما أن صور إجابة الدعاء متنوعة، فهي إما أن يعطي الله السائل مسألته، وإما أن يصرف عنه من السوء مثله، وإما أن يعوضه ويدخر له في الآخرة كما في الحديث الذي رواه أحمد وصححه الألباني: (ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر)، والمعنى أن الله تعالى يكثر الفضل والعطاء لمن أكثر الرجاء والدعاء.
أوصيك –أخي العزيز– باحتساب ثواب الدعاء، والصبر على البلاء، والشكر للنعماء، والرضا بالقضاء، وحسن الظن بالله تعالى، والاستعانة به وتقواه (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا) والتوكل عليه سبحانه يشمل أمرين اثنين: تفويض الأمور وإسنادها قلبيا إلى الله تعالى بالتعلق به سبحانه، وكذا بذل الأسباب المؤدية إلى تحصيل الأمور ومنها الزواج، فمن أخل بالأول ففيه خلل في الاعتقاد والتوحيد، ومن أخل بالثاني –بذل الأسباب– ففيه خلل في العقل والتفكير.
وبصدد تحصيل عون وتوفيق الرحمن والراحة والاطمئنان وطرد وساوس النفس والهوى والشيطان؛ فلا أجمل وأعظم من اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء والاستخارة، والإكثار من الأذكار والطاعات.
أسأل الله لك التوفيق والسداد، والعون والهدى والخير، والبركة والرشاد، وأن يرزقك الزوجة الصالحة والصبر، وعظيم الثواب والأجر؛ إنه سميع عليم.