الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعجبت بفتاة، فرفضتني لظروفي المادية، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أعجبت بفتاة أيام الجامعة، وأردت الزواج منها بعد أن أنهيت دراستي، لكن ظروفي المادية لم تسمح لي ببناء بيت، أو تحمل تكاليف الزواج، وكنت مديونًا، لكني عملت حسب حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن من أراد الزواج كان حقًا على الله أن يعينه، وأيضًا بدأت بحفظ القرآن الكريم، واستخرت الله بالزواج منها، وسألتها إذا كانت توافق على أن أرسل أهلي إليهم، لكنها رفضت بسبب ظروفي، وقلت لها بأن الله هو المعين، فقالت: الله لا يعين بهذه الظروف!! وأنا لا أستطيع التوقف عن التفكير بها، وأجد مشقة في مجاهدة الشيطان أثناء الخلوات، فبماذا تنصحوني؟

شكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمزة حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخي- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.

في البداية: نسأل الله أن يوفقك، وأن يعينك على الخير، وييسر لك أمر الزواج، ويعينك على أسباب الباءة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أخي الفاضل: لقد أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الزواج لا بد له من باءة، وهي القدرة، وتشمل الجوانب المادية والنفسية والعقلية، فقال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، فأرشد النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الاستطاعة على الباءة إلى الإسراع بالزواج لما فيه من خير عظيم في إعفاف الإنسان، وفي حال عدم الاستطاعة أرشد إلى الصوم؛ فإنه بالصوم تضعف الشهوة والرغبة، ويتحقق به العفاف -بإذن الله-.

أخي الفاضل: عليك بالصبر، ومجاهدة النفس، والسعي بكل الوسائل المباحة التي تُذهب عنك الشهوة وعلى رأسها الصوم، وكذلك الابتعاد عن كل مثيرات الشهوة المنتشرة والمتداولة اليوم من الأفلام والصور، ومواقع التواصل الاجتماعي، وإقامة العلاقات والصداقات بين الجنسين ونحوه، فإن لها دورًا كبيرًا في إثارة الغرائز والاقتراب من الحرام، لذلك لا بد من أن يحرص الشاب على غض بصره؛ ليجد أثر ذلك في نفسه وحياته، قال تعالى: (وليستعفف الذين لا يجدون نكاحًا حتى يغنيهم الله من فضله).

وفي أثناء ذلك عليك -أخي الفاضل- بالاجتهاد في البحث عن أبواب الرزق من الأعمال والتجارة والوظائف وسائر المكاسب الحلال، ومن سعى في ذلك واجتهد في بذل الوسع في الأسباب فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبر أن الله يعين (الناكح يريد العفاف)، وهذا الأمر مرتبط بالاجتهاد والسعي في بذل الأسباب، واستفراغ الوسع في الاجتهاد برفع الفقر والحاجة عن النفس.

أخي الفاضل: نشير إلى قول هذه الفتاة فيما ذكرته في سؤالك "الله لا يعين بهذه الظروف": فهذه الكلمة خطيرة، ونحسبها قالتها عن جهل وغفلة، فهي تقول على الله بغير علم، فلا بد أن تخبرها بضرورة التوبة من هذه العبارة، أو اعتقاد ذلك عن الله في نفسها، فمعونة الله لا حد ولا رد لها، والله بيده الأمر كله.

أخي الفاضل: التعارف قبل الزواج مزلق خطير من مزالق الشيطان لما فيه من تعد وتجاوز للحدود الشرعية؛ لذلك ننصحك بقطع هذه العلاقة، وننصحك أن تشغل نفسك بكل مفيد، وابحث عن أعمال تصرفك عن التفكير بهذه الفتاة، فالتفكير الدائم بها يفتح فرصة للتواصل العاطفي معها، وهذا من المحظورات شرعًا، وأيضًا الإكثار من التفكير بها في الخلوات قد يؤدي إلى إثارة الشهوة في نفسك؛ لذلك لا بد من أن تشغل نفسك بالبحث عن مؤنة الزواج، وتجتهد في تحقيق أسباب الباءة، وقد أحسنت بحفظ القرآن، والعمل الصالح، ولا بد أن تستمر وتجتهد في ذلك، وإن لم ييسر الله لك هذه الفتاة، فهناك غيرها من الصالحات الفاضلات.

وننصحك كذلك بقصد بيوت أهل الفضل والصلاح والخير، فهم لا يغالون في المهور، ولا يطلبون لبناتهم إلا صاحب الخلق والدين، والفتاة الصالحة فيهم لا تريد إلا الرجل الصالح الذي يعينها على طاعة الله، وتصبر معه على القليل اليسير، ما دام يتقي الله فيها.

أخيرًا: اجتهد بالدعاء، وطلب العون من الله، وابذل الأسباب لتحقيق معونة الله لك في ذلك، ولا تنس الاستخارة عند اختيار أي فتاة للزواج، وتذكر أن خطوة الزواج طريق لبناء أسرة وعائلة لا بد أن تكون على قدر من التفاهم والتقوى؛ لتحقق السكن والمودة والرحمة.

أسأل الله لك التوفيق والسداد والعون، إنه كريم رحيم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات