هل التعثر في أمور الحياة دليل غضب الرب -سبحانه وتعالى-؟

0 157

السؤال

السلام عليكم.

أنا سيدة أشعر أنني غير موفقة في أمور غريبة في حياتي، ففي أي مناسبة لي أقع مثلا، أو أقول كلاما لا يجب قوله في هذا المقام، أو عندما أسافر أريد دخول الحمام -أعزكم الله- وأمور غريبة من هذه كثيرة في حياتي، لم تتركني منذ أن ولدت وحتى الآن، فهل هذا غضب من الله؟

أرجو التوضيح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ساندي حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

- ما تشكينه -أختي العزيزة- من اضطراب في سلوكك مما يؤدي إلى قيامك بتصرفات من أقوال أو أفعال غريبة بالنسبة للآخرين قد تؤدي إلى شعورك بالحرج، وصعوبة في التعامل مع ضغوط الحياة، ومشاعر الضيق والقلق، وضعف الثقة والغضب، والشعور بالفراغ، أو الحاجة للعزلة، قد تعود إلى خلل معين في التربية من الطفولة، كتعرضك للخوف، أو الإساءة في المعاملة، أو لعوامل وراثية ونحوها.

- وبصدد العلاج فمن المهم أولا أن تدركي جوانب الخلل لديك -كما هو الواقع- الأمر الذي يسهم في الحل, وإدراك إمكانية مواجهة هذه المشكلة بسهولة بعامل الزمن -بإذن الله تعالى- شريطة عدم الاستسلام لهذه المشكلة، وضرورة مواجهتها بضدها, وذلك بتوفير الثقة بالنفس وقوة الإرادة, وهي مهمة تحتاج إلى مزيد من الصبر والمجاهدة للنفس (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين), كما تحتاج إلى المزيد من التحلي بقوة الإرادة والعزيمة، والتصميم والإصرار، مع لزوم الثقة بالله تعالى، وحسن الظن به والاستعانة به، وتقواه وطاعته والتوكل عليه في كل شؤون الحياة (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه), واستشعار الثقة بالنفس، والقدرة على النجاح، وتجاوز كل العوائق والتحديات, ومما يسهم في ذلك الآتي:

- تقوية الدوافع الإيمانية والأخلاقية لديك في تحقيق النجاح، والتخلص من الأخطاء والذنوب, فعلى قدر همتك وطموحك وقناعتك -أختي العزيزة- بالغاية التي تطلبينها, فإن الإرادة تزداد وتعظم, وتسهل دونها كل العوائق والتحديات, وقد صح في الحديث: (إنما الأعمال بالنيات, وإنما لكل امرئ ما نوى) متفق عليه, والمعنى أن كمال الأعمال وكذا صحتها وقبولها بتوفر النية الصالحة، والمقصد الحسن، وما أجمل وأحكم قول المتنبي:

"على قدر أهل العزم تأتي العزائم ** وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير صغارها ** وتصغر في عين العظيم العظائم"

"تريدين إدراك المعالي رخيصة ** ولابد دون الشهد من إبر النحل".

- لزوم الصحبة الصالحة والطيبة، لما لها من التأثير الحسن والإيجابي في التقويم والتغيير، والإصلاح والتصحيح إلى الأحسن, فالصديق الصالح مهم في حياة الإنسان, حيث وإن الصديق الصالح يذكرك إذا نسيت وينبهك إذا غفلت ويعلمك إذا جهلت, كما وهي تعينك وتساندك في أهدافك الطموحة والكريمة، والتخلص من عيوبك وأخطائك, والصاحب الصالح العاقل خير عدة لأوقات الرخاء والشدة, وقد صح في الحديث: (المرء على دين خليله, فلينظر أحدكم من يخالل).

- أهمية تنمية المواهب والثقافة لديك، ومتابعة المحاضرات والدروس والبرامج المفيدة, والقراءة في السيرة النبوية وسير العظماء والصالحين, والتأمل والاعتبار في سير الناجحين, والتأسي والاقتداء بهم من شأنه توفير الثقة والإرادة، والقدرة على التعامل مع الضغوط والمواقف المحرجة، ومع الحياة عامة.

- عدم اليأس والإحباط والقنوط من التخلص من العيوب، والتي لا ينفك عنها الإنسان (كل بني آدم خطاء, وخير الخطائين التوابون), فالكمال المطلق لله تعالى, وأما الإنسان فهو محل النقص والعجز والضعف والجهل والعيب, ويسهم ذلك بلا شك في تعزيز الثقة وقوة الإرادة، وتقوية وتنمية الإيمان، وتحصيل عون وتوفيق الرحمن، وطرد وساوس النفس والهوى والشيطان: طلب العلم النافع والعمل الصالح ولزوم الأذكار، وقراءة القرآن، وشغل الوقت والفراغ، بما يعود عليك بالمنفعة والفائدة في دينك ودنياك، كمتابعة البرامج المفيدة والدروس والمحاضرات، والاشتراك في ناد رياضي وفي الأنشطة الاجتماعية والثقافية والخيرية، وفي الحديث: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز)، رواه مسلم.

- ولا مانع عند اللزوم من مراجعة طبيب نفسي مختص للنصح، بما يلزم من العلاج السلوكي والدوائي والمعرفي.

- ولا أجمل وأفضل من اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان).

- أسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد والهدى والرشاد, وأن يمن عليك بما يحب ويرضى, ويسعدك في الآخرة والأولى، والله الموفق والمستعان, وهو الهادي إلى سواء السبيل.

مواد ذات صلة

الاستشارات