السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو التكرم بتوجيهي بنصائحكم الطيبة، حيث إنني متزوج منذ 22 عاما من ابنة عمي وأنجبت أربعة أبناء وتزوج بعضهم، إلا أنني لا زلت أشعر أنني غير سعيد مع زوجتي، حيث إنني كنت قبل زواجي منها أرغب في الزواج من أختها التي هي أكثر تعليما وأكثر تدينا، ولكن قدر الله أنني تزوجت زوجتي الحالية رغم أنها طيبة معي وتخاف علي، إلا أنني خلال فترة الزواج كله أشعر أنه ينقصني شيء مما سبب لي عدم رضا عن الواقع وعدم حب لأنسابي وعمل مقارنة بينها وبين أخواتها أو غيرها.
وهي لا تمانع من أن أتزوج من غيرها خاصة أنها لا تريد مزيدا من الأبناء، ولكن الظروف لا تسمح بذلك، فكيف يمكن التخلص من هذه العقدة؟ رغم أنني أحب أولادي وأحفادي، إلا أنني أشعر أنني بحاجة إلى الاستقرار النفسي؛ مما يزيد من الأمر أنني أسكن مع أنسابي لظروف حياتي؛ مما يجعل الماضي يمر على نفسي وأكثر من المقارنة بين زوجتي وأخواتها المتزوجات، فهل من مخرج من هذا الأمر؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عزات حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل جلاله أن يرزقك السعادة في الدنيا والآخرة، وأن يزيل ما في نفسك من عدم استقرار، وأن يبارك لك في نفسك وأهلك وولدك ومالك، وأن يسعدك بهم جميعا.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فلعل السبب فيما تشعر به من عدم السعادة والاستقرار هو شعورك الداخلي بعدم تحقيق رغبتك وأمنيتك من الزواج بأخت زوجتك، والتي كنت تحبها، خاصة وأنك تقيم مع أنسابك، وبلا شك قد ترى هذه الأخت أو تسمع صوتها، أو على الأقل تعرف بعض أخبارها، مما يجعل الأمر لا يموت داخلك، هذا أمر أنا معك فيه قطعا وبلا أدنى شك؛ لأن الحب الأول لدى الإنسان يصعب عليه نسيانه مهما طال الزمن، ومن رحمة الله بعباده أنه خلق للعبد عقل وقلب، فالقلب مصدر ومنبع وصندوق الحب والعاطفة، أما العقل فهو القيادة، وهو بعد النظر، وهو الميزان الذي يضبط سلوك الإنسان، ولذلك نرى أن من يحتكم إلى قلبه كثيرا ما يعيش مثل هذه الحالة مع عدم الراحة أو الاستقرار؛ لأنه شعر بعدم تحقيق رغبته، ويظل يعاني الحرمان والشقاء حتى نهاية الحياة، ولكن ماذا بعد هذا؟ لابد لنا أخي الكريم من تحكيم العقل وإعطائه الفرصة للقيادة، والنظر في عواقب الأمور بحكمة وروية، لقد مر زمن طويل على هذا الأمر، وعشت حياة زوجية طويلة المدى، ورزقت منها بأطفال وأحفاد، وأصبحت ظروفك من جميع الجهات غير ظروفك الأولى، والأخت الأولى تعيش مثل ظروفك، ولعلها تعاني مثل معاناتك، ولكن ما العمل؟ أمر قد مر عليه عشرات السنين، وأصبح من المستحيل إعادة عقارب الزمن إلى الوراء، فلابد لنا أن نعيش واقعنا وأن نتكيف معه، خصوصا وأنه كما لا يخفى عليك أنها لو كانت من نصيبك لما أخذها أحد سواك، فهي ليست لك؛ لأن الله لم يجعل لك فيها نصيب، وامرأتك هذه هي قسمتك التي قسمها الله لك، ومن أدراك أنك ستكون سعيدا مع الأخت الأولى.
امرأتك الحالية هي حظك من النساء، وأنت حظها من الرجال، وهذا ما قدره الله، فلابد لك أخي أن تعيش هذا الواقع، وأن تطرد عن نفسك هذا الهاجس؛ لأنه ضد مصلحتك، لابد لك أن تقنع نفسك بقضاء الله وقدره، وأن تعلم أن الخير كل الخير فيما قدره الله، ثم لابد لك كذلك ألا تغفل أو تتغافل عن حسنات زوجتك، فإن لها حسنات كثيرة ورائعة، واعلم أخي أننا نحن الذين بمقدورنا أن نخرج أنفسنا من مثل هذه الحالات أو أن نظل بها.
فأنت بعزيمتك وإرادتك وقناعتك بمقدورك أن تخرج نفسك من هذه الدوامة، فالقرار قرارك ولا يمكن لأحد سواك أن يغير ما بداخلك إذا لم تكن أنت على استعداد لمساعدة نفسك وتغييرها، وأعتقد أنه لا يخفى عليك قول الحق تبارك وتعالى: (( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ))[الرعد:11]، فحاول من الآن وفورا اتخاذ القرار الشجاع بنسيان هذا الأمر، والتأقلم مع الواقع الجميل الذي تعيشه، وكلما عرض لك هذا الموضوع ولو خاطرة من الخواطر فاستعذ بالله، وغير وضعك الجسدي، وردد بينك وبين نفسك هذه العبارة: أنا سعيد بحياتي، امرأتي إنسانة عظيمة ورائعة، اللهم ارزقني الرضا بما قسمت لي وبارك لي فيه، إلى غير ذلك من مثل هذه العبارات الإيجابية المشجعة، وأنا واثق من أنك سوف تتخلص من هذه الحالة قريبا بإذن الله، فتوكل على الله، وانظر إلى الخير العميم الذي حباك الله به، وانظر إلى المستقل بعين التفاؤل والهناء، وأنت ترى أحفادك من حولك يملئون البيت بل والدنيا سعادة وسرورا وضحكا، مع رجاء محاولة استغلال أوقات فراغك في شيء مفيد، مثل حفظ بعض آيات القرآن، أو قراءة بعض الكتب المفيدة، وأرجو أن تبتسم الآن.
والله الموفق.