السؤال
السلام عليكم..
أريد أن أصل إلى القمة، لكن أشعر أني سأسقط في أي لحظة، فماذا أفعل؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فتاة سعودية حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يقدر لك الخير، ويسدد خطاك، ويلهمنا جميعا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا!
فشكرا لك على هذه الهمة العالية، وهكذا ينبغي أن يكون شباب الإسلام، ورحم الله من قال:
شباب لم تحطمه الليالي *** ولم يسلم إلى الخصم العرينا
إذا شهدوا الوغى كانوا حماة *** يدكون المعاقل والحصونا
إذا جن المساء فلا تراهم *** من الأشفاق إلا ساجدينا
هكذا أخرج الإسلام قومي * * شبابا مؤمنا حرا أمينا
وعلمه الكرامة كيف نبني * * فيأبى أن يهون ويستكينا
وأرجو أن يكثر الله في شبابنا وفتياتنا ممن يحملون مثل هذه الروح الوثابة، فنحن أمة أرادها الله قائدة لا مقودة، وعار على من رفع الله شأنه أن يعيش بين الحفر، يا أمة الإسلام:
قد رشحوك لأمر لو فطنت له *** فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل.
ولابد أن نعرف أن سلم المعالي يبدأ وينتهي بالإيمان بالله والإخلاص لدينه، فإن الإيمان هو الذي يفجر الطاقات ويصنع العجائب، وصدق كسرى حين قال بعد أن فاوض ربعي بن عامر رضي الله عنه، وقالت له حاشيته: هذا الأعرابي الممزق الثياب يهددك؟ فرد عليهم قائلا: (ويحكم! إني أرى تحت الثياب الممزقة عزة ما رأيت مثلها في حياتي)، ولا عجب فقد بث النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن والسنة عناصر الثقة والعزة في النفوس.
وأرجو أن تكون أهدافك واضحة، وأن تنطلقي بخطى ثابتة، وكل أمل يتحقق بالإخلاص والعمل، وأحسن من قال:
وما نيل المطالب بالتمني *** ولكن ألق دلوك في الدلاء
وقد جعل الله لكل شيء سببا، وكذلك قال لمريم عليها السلام: (( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا))[مريم:25]، ولو شاء ألقى إليها التمر دون تعب، ولكن كل شيء له سبب، فالمسلم يحدد الأهداف ويفعل الأسباب، ثم يتوكل على الكريم الوهاب، فإنه لا موفق لمن خذل، والسقوط لا يعني نهاية المطاف، لكن الأقوياء يستفيدون من العثرات لينطلقوا بروح جديدة، معتبرين بما حدث لهم، فيرجعوا إلى الله ويجتهدوا في طاعته، ويكثروا من اللجوء إليه، فإنه يجيب المضطر إذا دعاه، فعلينا أن نتذكر قوته وقدرته سبحانه وضعفنا، ونكثر من قرع الأبواب، ورحم الله شيخ الإسلام ابن تيمية الذي كان يردد:
مالي سوى فقري إليك وسيلة *** فبالافتقار إليك فقري أرفع
مالي سوى قرعي لبابك حيلة *** فإذا رددت فأي باب أقرع
والمؤمن يهتم بأداء ما عليه، ويرضى بما يأتيه من الله، ويدافع الأقدار بالأقدار، فالمرض قدر والدواء قدر، والسقوط آفة والعزيمة والهمة العالية دواؤها الدعاء، وهو جماع الخيرات، والدعاء والقضاء يتعالجان بين السماء والأرض.
وأرجو أن تعتبري بالنملة، هذا الكائن الضعيف الذي يكرر المحاولات حتى يصعد، وليت الذي حاول ألف مرة زاد مرات بعد الألف، والمؤمن يعقلها ويتوكل على الله، (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ))[الطلاق:3].
ونوصيك بالبعد عن المعاصي فإنها سبب للخذلان، وما عند الله لا ينال إلا بطاعته، وما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة، قال تعالى: (( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفوا عن كثير))[الشورى:30].
وأرجو أن تعمري قلبك بالإيمان والثقة في الرحيم الرحمن، وتجتهدي في فعل الأسباب التي توصل إلى المعالي، ولا تعتمدي على الأسباب، ولكن عليك بانتظار النجاح من الكريم الفتاح.
والله ولي التوفيق والسداد.