السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فلكم منا جزيل الشكر على كل المجهودات التي تبذلونها في خدمة الإسلام والمسلمين، وجعل ذلك في ميزان حسناتكم.
أريد منكم نصائح وتوجيهات عسى الله أن يجعل ذلك سببا في الخروج من الحالة السيئة التي أتواجد فيها، والله أنا في وضع لا أحسد عليه، وضع أصبح يؤرقني أكثر من أي وقت مضى.
أنا شاب في السابعة والعشرين من العمر، أحببت فتاة كانت تدرس معي بالجامعة، تعلقت بها لما كانت عليه من الأخلاق والدين والتربية، وصارحتها فيما بعد في نيتي بأن تكون شريكة حياتي إن كتب الله ذلك، وأخبرتها أن هذا يتعذر علي في الوقت القريب لقلة ذات اليد، وعدم القدرة المادية على ذلك، وعلى أن تنتظرني ريثما تتحسن أموري، ولكن طال ذلك، نعم وطال كثيرا، فو الله لم أعد أطق، وكرهت هذا الوضع، فأصبحت نفسيا في حالة لا يعلم بها إلا الله، وأصبحت دائم التفكير في هذا الموضوع.
ماذا علي أن أفعل فقد تعلق قلبي كثيرا بهذه الفتاة، ولا أقدر على تركها أو نسيانها؟ أين الحل -يا مشايخي الأفاضل- فقد أثر ذلك علي كثيرا، وغير الكثير في حياتي وللأسوأ للأسف؟
وبارك الله فيكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ نصرالدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك – ولدنا الحبيب – في استشارات إسلام ويب.
أولا نسأل الله سبحانه وتعالى أن يكفيك بحلاله عن حرامه، ويغنيك بفضله، وييسر لك ما يعفك به.
ثانيا: وصيتنا لك – أيها الحبيب – هي وصية الله سبحانه وتعالى لكل من أراد الزواج ولم يقدر عليه، فقد قال الله في كتابه الكريم: {وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله} فالطريقة التي تريحك وتجد بها سعادتك هي طريق الاستعفاف –أي طلب العفة – بأن تصون نظرك وتصون قلبك عن التفكر فيما لا تصل إليه، وذلك سبب أكيد في إراحتك من كثير من الهموم والأحزان، وتعلقك قلبك بهذه الفتاة هو العشق المعروف، وهذا العشق الدواء الأول فيه لمن قدر عليه الزواج، وما دمت لا تقدر على الزواج في هذه الظروف التي ذكرتها فينبغي أن تكون عاقلا وتريح نفسك باتباع النصيحة التي قدمها لك علماء الإسلام في مداواة هذا العشق، وأن تكون جادا في اتباع هذه الخطوات، وقد لخص ابن القيم – رحمه الله تعالى – دواء العشق بأنه يتكون من أمور:
الأمر الأول: استحضار اليأس من الوصول إلى المعشوق، فإن الإنسان إذا يئس من الشيء التفت نفسه عنه وسهل عليها أن تنساه، أما إذا استمر في التذكر والبحث ونحو ذلك فإنه يثير على نفسه مزيدا من الأوجاع، فبمقتضى هذا النصح ينبغي أن تقطع علاقتك بهذه الفتاة بالكلية، وأن تستحضر اليأس من الوصول إليها، وبهذا يسهل عليك نسيانها بإذن الله تعالى.
فإن لم يفد هذا كل الفائدة فبقي أيضا أن تتذكر المساوئ التي تنفر نفسك عن هذه الفتاة، فمساوئ المعشوق – وهو بلا شك لا يخلو من مساوئ – تذكر هذه المساوئ يقلل رغبة النفس فيه، ويصرفها عنه.
والشيء الثالث أو الأمر الثالث: إذا لم تطاوعك نفسك على كل ذلك أن تتذكر ما يجلبه عليك هذا التعلق من مفاسد ومتاعب، فإن هذا سيدعوك إلى تحقيق راحة نفسك.
ورابعا: الجأ لمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، فأكثر من ذكر الله تعالى ودعائه أن يكشف عنك هذا، فإنك بإذن الله تعالى تصل إلى الحالة التي تأملها وترجوها من الراحة.
المهم أننا ننصحك بقطع هذه العلاقة مع هذه الفتاة، وأن تتبع الخطوات التي ذكرناها لك، بمحاولة نسيانها، ونأمل بإذن الله تعالى أن يكون في ذلك فتح باب السعادة والانشراح لصدرك.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان.