السؤال
السلام عليكم.
أنا متزوجة منذ ٤ سنين، وعندي طفلة، وأعاني من اكتئاب واضطراب وجداني ثنائي القطب، وسواس قهري، زوجي كريم، ومثقف ومتدين، لكنه يشتمني ويضربني؛ لأني أغضبه.
مشكلتي أني في البارح ضربت ابنتي عمرها (٣ سنين)، وأهنتها أمام الناس، وهي حزينة مني ولا تتكلم نهائيا، ونائمة باستمرار، أنا لا أستحق أن أكون أما، وأخاف أن أطلق وأهلي ظلموني طوال حياتهم، خائفة أنتحر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ بدون ذكر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب وإنه ليسرنا تواصلك معنا في اي وقت .
ونحن نخالفك في العنوان ولا نقبله منك ولا من أي أم: أنت أم فاضلة وتستحقين أن تكوني الأفضل.
أختنا: إن شعورك بالخطأ يدل على أنها كانت لحظة عابرة في حياتك، وإنك تحت الضغط فقط وقعت فيما وقعت فيه، وما الألم الذي أصابك إلا دليل قطعي على ذلك.
نحن نتوقع أنك ستذهبين إلى حبيبتك وابنتك وتحتضينها وتذهبين عنها ما ألم بها من جرح.
أختنا الكريمة:
زوجك -والحمد لله- مثقف ومتدين وكريم، وتلك نعمة من الله عليك، ويجب عليك استثمارها جيدا.
أما العصبية التي ابتلي بها الزوج، والتي أدت إلى السب والضرب فيمكن علاجها ببعض الإرشادات بعد تفهمها جيدا:
العصبية -أختنا الفاضلة- داء يصيب البعض، يزيد ويضعف حسب التعامل مع الشخص العصبي دون أن نغفل دور الشخص نفسه في ذلك، وحتى تتجاوزين هذه المحنة لا بد من فهم طبيعة العصبية وطرق التعامل معها.
فهي صفة سلبية تكون في مبتداها ضعيفة يمكن السيطرة عليها وصرفها بالاستعاذة أو الوضوء، أو الاستغفار أو ترك المكان؛ لكنها إذا تشبعت من الشخص ملكته، بل وقادته إلى ما لا يحب ولا يرضى، وهنا تكمن خطورتها؛ لأنها إذا زادت ملكت صاحبها فتضخمه بالباطل، وتجعله يعتمد في الإقناع على السباب والضرب لا الحوار؛ وهذا ما تحدثت -أختنا- عنه.
الرجل العصبي -أختنا الكريمة- يشبه إلى حد كبير الطفل العنيد؛ يحتاج إلى أن يتعامل معه برفق ويتفهم حاله ويشعره بذلك حتى يتجاوز المشكلة معه، ومن المعلوم أن أي طلب مشروع ساعة الغضب سيطور العصبية عنده أكثر، ولن تأخذي ما تريدين، وقد يتطور الأمر إلى الضرب، وعليه فالحكمة ينبغي أن تسود وتتمثل فيما يلي:
1- الهدوء هو أول ما تصرفين إليه بصرك؛ كوني هادئة ومتماسكة وقوية، واحذري التوتر أو كثرة الكلام أو الردات الانفعالية أو كثرة الحركة؛ كل هذه الأمور تزيد أحيانا من حدة غضبه وعصبيته، فاجتهدي أن تجتنبي أي توتر أو تصعيد.
2- لا تحدقي النظر إليه ساعة الغضب، ولا تتجاهليه، فقط انظري إليه باهتمام لكن دون حدة.
3- أظهري له أنك مهتمة بحديثه؛ لأن أشد ما يجعل الغضب يفور عند الرجل إذا دخل دوامة العصبية: اعتقاده أن الزوجة لا تهتم به ولا تقدر تعبه وعناءه.
4- هناك بعض الألفاظ التي تزيد حدة العصبية عند الرجل ينبغي تجنبها، كما عليك أن تتجنبي إثارته بأن تذكري له أن الموضوع الذي أغضبه تافه، أو لا يستحق هذا الغضب، أو قولك له: (لماذا أنت غاضب، الأمر لا يستحق، غضبك غير مبرر، لا داعي لكل هذا) مثل هذه العبارات -أختنا الفاضلة- تشعره أنك لا تقدرين غضبه أو لا تفهمينه، أو تتعالمين عليه، أو تدعين العقل والحكمة... مثل هذا الأسلوب يؤدي إلى اشتعال عصبيته، وقد يعمد إلى إدخال مواضيع أخرى في بعض بهدف تخطئتك وإثارته أكثر؛ لإرضاء نفسه بأنه على الحق وأنه المظلوم، وأنك المخطئة التي لا تقدر تعب زوجها.
5- يمكنك ذكر بعض العبارات التي تؤدي الغرض دون أن تزيد عصبيته؛ مثل قولك له: (ما تقوله أنا متفهمة له تماما)، (أدرك أن الأمر يستحق ذلك، لكني لم أكن أتوقع أن يصل إلى هذا الحد أو يكون له هذا المردود السلبي)...
6- بعد انتهاء حدة الغضب ينبغي أن تشعريه أنك متألمة من حديثه، وأنك حزينة لما قاله، ولكن اجعلي هذا الحزن والألم صامتا ناطقا؛ بمعنى أن يظهر عليك ولا ينطق به لسانك، من دون تقصير في حقوقه أو معاقبة له.
بهذه الوسائل -أختنا- ستذوب العصبية أو تخف حدتها، أو على الأقل تضمنين عدم تطورها.
أختنا الكريمة : الاكتئاب والوسواس القهري مرض نفسي تافه، وسيذوب وينتهي متى ما استقر حال البيت، وتحسن إيقاعه، فلا تضخمي هذا المرض ولا تجعليه محيطا بك.
نريدك أن تحدثي زوجك في أوقات مختلفة عن ما تشعرين به، مع مدحك إياه في كل وقت، وأن يفهم أن علاج حالتك يكمن في عودة الهدوء والحوار إلى البيت.
نريدك أن تفكري بإيجابية فإن دواء الاكتئاب والوسواس وجود الإيجابية والعمل لها.
نريدك أن تضخمي كل عمل جيد لك من الزوج، وأن تكثري من تذكير نفسك بتلك النعم، فإن هذا مما يضعف تأثيره.
نريدك أن تربطي علاقتك بالله جيدا، وأن تجعلي لك خلوة مع الله ولو نصف ساعة فإن الشكوى إلى الله مدعاة للهدوء والاستقرار.
استمري على هذا شهرا، وإن لم تتحسن الحالة فنرجو أن تزوري أقرب طبيب نفسي، فهناك بعض الأدوية البسيطة التي تساعدك على تجاوز هذه الحالة.
وبالنسبة لما ذكرته من إصابتك بالاكتئاب ثنائي القطب، فلم تذكري الكثير من التفاصيل لنحيل السؤال على المستشار النفسي، ويمكنك الكتابة إلينا بمزيد من التفاصيل في المرات القادمة.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.