السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من الخوف من زوال النعمة، أو من أن أفعل عملا يتسبب في زوال النعمة، وأخاف أن أحسد نفسي أو أهلي أو أي شخص لا أعرفه، ولا أدري إن كانت هذه الحالة نعمة من ربي أتذكر نعمه وأحمده عليها، أم هي حالة وسوسة؟ حيث أني أكرر الحمد لله، ما شاء الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، علما أني أوسوس هل قلت الأذكار بطريقة صحيحة أم لا؟ وبالتالي أجاهد في الأذكار.
لا أحب أن نذكر الله في الابتلاء فقط، بل إن الله يحب أن يكرم عبده ولا يبسط له الكرم والرحمة، وكل شيء حسن، وأوسوس في أذكار الصباح والمساء والدعاء في الصلاة، حيث أخشى ألا يتقبل الله الذكر والدعاء لأني أردده بالتشدد في الحروف، وبالتالي أبالغ في الأمر، وأعاني من جهد ومشقة.
أسأل الله تعالى السلامة للجميع من الشك والوسواس.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يصرف عنك ما تجد من ألم ووسوسة.
أخي الكريم: نريدك أن تنتبه لكلامنا و-إن شاء الله- ستكون هذه آخر استشارة لك من هذا المرض السخيف، نعم سخيف والتعامل معه بهذا السخف هو أحد الأدوية، لكن دعنا نضع بعض القواعد من خلال حديثك:
أولا: أنت شاب محب للخير محب للناس، لا تريد إيذاء نفسك أو غيرك، وهذه صفة جيدة تمدح فيك.
ثانيا: أنت شاب هرعت إلى الله وذكره حين أتاك الوسواس، وهذا يدل على صحة الطريق، فالبعض يذهب إلى الدجالين أو العرافين فيشرك بالله ولا يأتيه الشفاء!
ثالثا: الأعراض التي ذكرتها تدل على أن عندك وسواس قهري، ونحن نريدك أن تتأكد من أنك لن تحسد أحدا لا أهلك ولا مالك ولا أصحابك ولا النعم المسدلة عليك، ما دمت محافظا على وردك، مستقيما في طريقك، عائد إلى الله سريعا كلما وقعت في معصية أو هنة.
وهنا لا بد أن تتذكر حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا غلام، إني أعلمك كلمات؛ احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف)، فاطمئن وتذكر أن الذي كفاك بالأمس ما كان، سيكفيك في غد ما يكون، وأن أي أمر في ملك الله لا يقع إلا بإذن الله عز وجل.
رابعا: جميل أن تعتصم بالله عند رؤية كل نعمة، وأن تبارك عليها، أي أن تقول: اللهم بارك، أو بارك الله له، هذا أمر طيب، وهو وحده كاف أن يدفع عنك ما ألم بك.
خامسا: الاعتدال في كل الأحوال واجب، ومن الاعتدال أن تفكر في نفسك تفكيرا إيجابيا، أبعد عن مخيلتك أو ذهنك أنك قد تحسد نفسك أو غيرك، بل كرر على مسامعك وعلى ذاتك أنك محب للخير مريد له، وأنك -والحمد لله- لست من النوع الحاسد.
سادسا: من المهم أن تتفهم طبيعة الوسواس، فهو دائما ما يبنى ديمومة وجوده على السير خلفه، ولذلك إذا ذكرت الله على نعمة رأيتها وأوهمك أنك لم تفعل فلا تعد للذكر السابق، وإنما اعمد إلى أذكار محتلفة كأن تستغفر أو تصلى على رسول الله، أو تحوقل، أو تهلل، المهم أن تذكر ربك طلبا للأجر على الذكر، افعل هذا كلما يأتيك الوسواس.
سابعا: من المهم أن تبتعد عن الفراغ، وأن تكثر من مخالطة الصالحين وطلاب العلم الشرعي، فإن هذا سيكسبك معرفة جيدة بما أنت فيه.
ثامنا: لا تشدد على نفسك في الضغط على الحروف لأن مدار الذكر أساسا على القلب، وعليه فلو ذكرت الله بقلبك وأخطأ لسانك فلا جرم عليك، بل أنت مأجور.
وأخيرا: أنت لست حاسدا، بل محبا للنعمة مذكرا بها، محبا للغير، فلا تخشى شيئا، وتوكل على الله، واحتقر هذا الوسواس وتعامل معه باستخفاف، وستجد خيرا أمامك -إن شاء الله-.