السؤال
السلام عليكم..
لست على دراية كافية، لكني ولله الحمد فتاة ملتزمة طيبة، لا أحب المشاكل، مؤمنة بالله ومتوكلة عليه، وأحاول قدر المستطاع أن ألتزم فأنا محجبة، وأبتعد عن المحرمات كي يرزقني ما أريد، دعوت الله منذ سبع سنوات، وللأسف منذ سنة تقريبا حدث عكس ما أرغب تماما، وصعقت، واستغفرت الله، واهتزت ثقتي بالله، فأنا المؤمنة المتوكلة على الله كل الاتكال، والله كنت أدعو وكأنني أرى ما أريد يحصل، أعف نفسي عسى أن يكتب لي الله الزوج الصالح.
تدمرت نفسيتي، لماذا حصل كل هذا؟ لم يحدث كما أريد، ولم تستجاب دعواتي، لكن لماذا يكتب الله لي الألم وأنا واثقة به؟
غيري تفعل المحرمات وقد تزوجت، ودرست، ووفقها الله، لا أعلم هل يريد الله أن يبعدني عنه أو يؤذيني؟
أصبحت أدعو وأنا غير موقنة، لم أعد أريد حصول الدعوة، تعبت نفسيا، كل ما أدعو به يحصل عكسه، وكأن الله يعاقبني، مع أنني أتعلم كثيرا عن الدعاء، فأنا لا آكل الحرام، ولا أدعو بشيء سيء للآخرين.
دلني جزاك الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -ابنتنا الكريمة وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك التواصل والاهتمام، وندعوك إلى الرضا بما يقدره الكبير المتعال، ونسأل الله أن يقدر لك الخير، وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم في طاعته الآمال.
أتمنى أن تغيري طريقتك في الكتابة، وتتجنبي الألفاظ التي تدل على عدم القبول بما يقدره القدير.
وأنت ولله الحمد على خير، فتجنبي الألفاظ التي تشم منها رائعة الاعتراض، وثقي بأن ما يقدره الله لك خير مما تحبيه وتختاريه لنفسك، قال تعالى: (وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم).
وتذكري –يا بنتنا الفاضلة- أن الإجابة تتنوع فقد يستجيب ربنا الكريم للدعاء، وربما يدخر لك الثواب لأن الدعاء عبادة، وقد تكون الإجابة بدفع بلاء نازل، أو برفعه، أو بالتخفيف منه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها، قالوا: إذن نكثر، قال: الله أكثر وأطيب".
فاستمرى في الدعاء والتزمي بما يلي:
1- توجهي إلى الله بقلب حاضر.
2- اعزمي في مسألتك.
3- ألحي في الدعاء.
4- كوني على يقين من الإجابة، مع ملاحظة أنها تتنوع.
5- ابدئي بالثناء على الله بما هو أهله، ثم صلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ارفعي حاجتك وطلباتك لقاضي الحاجات، ثم اختمي بالصلاة والسلام على النبي.
6- أكثري من الدعاء، وركزي على الأوقات الفاضلة في الغدو العشي والأسحار، في السجود ودبر الصلوات، وهكذا.
7- ابتعدي عن الضجر، وتعوذي بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان.
8- تأدبي بأدب السلف الذين قال عنهم ابن الجوزي: كانوا يسألون الله، فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يعطهم كانوا بالمنع راضين، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه فيقول مثلك لا يجاب، ولعل المصلحة في أن لا يجاب.
9- تعرفي على نعم الله عليك واشكريها لتنالي بشكرك لها المزيد، ولا تنظري إلى ما عند الآخرين، وتذكري أن نعمه مقسمة.
وهناك دروس مستفادة من كلام ابن الجوزي رحمه الله:
الدرس الأول: الرضا بما يقدره الله.
الدرس الثاني: مراجعة النفس عندما تتأخر الإجابة.
الدرس الثالث: اليقين بأن الله قد لا يستجيب لطلب الإنسان من أجل مصلحة الإنسان، ولذلك قالوا لعل المصلحة في أن لا يجاب.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، واعلمي أن عدم إجابة الطلبات لا تعنى أن الله لا يحبك، كما أن حصول الخير ليس دليل على رضا الله، فالدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة، ولو كانت كذلك ما سقى الكافر منها جرعة ماء، وربنا سبحانه لم يرض أن تكون الدنيا ثوابا لأوليائه ولا عقابا لأعدائه.
نسأل الله أن يوفقك، ونكرر الترحيب بك في موقعك.