السؤال
السلام عليكم.
أنا شخص متزوج منذ 20 يوما، كنت أحب زوجتي وأشتاق لها أيام الخطوبة، وبعد الزواج أصبحت أراها غير جميلة، وتنقصها أمور كثيرة، مثل الطول والبياض، ووجهها طفولي وعينها صغيرة، ولا أشعر بالمودة والحب لها مثل أيام الخطوبة.
أصبحت أقارنها بزوجات أصدقائي أنهن أجمل منها، ومرحات في الكلام أكثر منها، وهي غير مرحة نهائيا، تتكلم قليلا جدا، أنا أريد مبادلة الحديث والاستئناس معها، بل أريد أن أحبها لكن لا أستطيع، بعض الأحيان أراها مقبولة، وأحيانا لا أطيق النظر إليها، وكلما أرى النساء أتحسر على نفسي، وأقول لماذا هكذا نصيبي؟!
زوجتي جميلة وصغيرة، عمرها 24 سنة، ومتعلمة، وحاصلة على بكالوريس تمريض، ومطيعة وذات خلق، لكني أصبحت أرى جميع النساء أجمل منها، وهذا الأمر أصابني بالإحباط والهم والغم، أصبحت أحب البقاء خارج البيت، أو في بيت أهلي؛ لأني أرتاح معهم ولا أرتاح معها.
تنام بجانبي ولا أحب الاقتراب منها، لا أعرف ما بي، أرجو من الله ثم منكم مساعدتي على تخطي هذه المحنة وهذا الوضع الصعب الذي أرهقني تفكيرا حتى نزل من وزني 10 كلغ، واعلموا جيدا أنني سوف أتوكل على الله وآخذ بنصيحتكم وأنفذها.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مؤيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك -أخي الفاضل- في موقعك إسلام ويب، وإنه لمن دواعي سرورنا تواصلك معنا في أي وقت، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك وأن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.
وبخصوص ما تفضلت فإننا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا : نحمد الله إليك وجود هذه المرأة الفاضلة المتميزة في حياتك، ويكفيها ما قلته عنها من جمال الخلقة وجمال الخلق، وطاعتها لك، ولو لم يكن في زوجتك إلا هاتين الصفتين لكان حريا بك أن تسجد لله شكرا على هذه النعمة.
ثانيا: قد ذكرت أنك تريد إنهاء تلك المشكلة وأنك ستلتزم بنصيحتنا، وهذا يدل على خير فيك، نسأل الله أن تكون خيرا مما نظن، وأن تبصر أماكن الداء حتى توقفه بأمر الله.
ثالثا: أخي الحبيب: بعد أي زواج مباشرة لا بد أن يحدث ثلاثة أمور:
1- يتعرف كلا الزوجين على مساوئ الطرف الآخر، ويبدأ يتعرف عليه بكل ما فيه، بخيره وشره، بحسنه وقبحه.
2- يتدخل الشيطان لتضخيم المساوئ وتهوين المحاسن، حتى تبدأ النظرة تختلف، وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك في قوله (إن الشيطان يفرك بين الزوج وزوجته) أي يضع البغضاء والشحناء بينهما بتضخيم سلبيات كل طرف للآخر.
3- يحسن الشيطان لكل طرف إيجابياته هو حتى تضخم ذاته فلا يشعر بسلبياته وأخطائه، ويبدأ في الشعور بأنه كان يستحق أفضل من هذا، وأنه ما كان ينبغي عليه الموافقة على مثل هذا الزواج.
لاحظ -أخي- أن هذا يحدث مع الجميع.
رابعا: قد اتبعت الشيطان في أخطر أسلحته، وهي إطلاق البصر على النساء وبدأ المقارنات التي لن تكون منصفة لسببين:
1- كل من تراهم ترى فيهم المظهر أو الشكل الظاهري، لكنك لم تعاشرهم لتكتشف الجانب الآخر الموجود في كل امرأة، فليست هناك امرأة كاملة أبدا، وكان ينبغي عليك أن تتعمد عدم المقارنة لأنها غير منصفة. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تصرفك عن الحلال الطيب إلى الحرام الخبيث، وهذا ما فعله الشيطان معك للأسف.
2- لم تستحضر إيجابيات الزوجة مع عقد المقارنات، والتي أقلها تكفي لحمد الله عليها، فالزوجة ليست ناشزا ولا عاصية لك، ولا قبيحة أو دميمة، بل هي ألاعيب الشيطان عليك.
خامسا: الإنسان في حياته دائما ما يحن إلى ما فقد منه، فلا يتمنى الغني المال ولا يتمنى الصحيح العافية، بل يتمنى كل منهما ما نقص فيهما، فلو سألت فقيرا معافى: ما أجمل ما في الحياة؟ لقال لك: المال، ثم أخذ يتحدث عن حاله وبؤسه ناسيا نعمة الله عليه في العافية، ولو سألت غنيا مريضا لعلمت منه أن العافية أفضل، ولو ضاع ماله في سبيل ذلك، وعدم التنبه إلى هذه النقطة أسقطك في فخ المقارنات الخاطئة فوصلت إلى ما أنت عليه.
سادسا: الحل في ثلاثة أمور:
1- أن تعظم نعمة الله عليك في الزوجة، وأن تردد هذا على مسامعك، مع تهوين الأمور التي ذكرتها والتي تعد توافه في الحياة الزوجية.
2- أن تستحضر أن النقص موجود في النساء كلهن، كما هو في الرجال كذلك، فهناك جميلة المظهر سليطة اللسان، وهناك الغنية بذيئة الأخلاق، وهناك الودودة الجميلة سيئة العشرة، وهناك وهناك، فإذا رزقت من الجمال بعضه بل أكثره مع كل ما أنعم الله عليه فيها من خلق فقد حزت الخير -يا أخي-.
3- أن تبدأ في النظر إلى عيوب نفسك فلست معصوما، وأن تحدثها عن الأمور السلبية التي تراها هي فيك، بلا زعل أو غضب، وأن تبدأ في المعالجة.
هذا هو الطريق يا أخي، ولا تنس أن علاقتك بالله وتقيدك بأحكامه أهم درجات الإصلاح، نسأل الله أن يحفظك وأن يرعاك والله الموفق.