كيف أستطيع التوفيق في مسألة الزواج بالثانية؟

0 88

السؤال

السلام عليكم..
جزاكم الله خيرا عني وعن المسلمين جميعا.

أنا متزوج منذ 8 سنوات، ولدي 3 أطفال، وقد قررت الزواج من الثانية، ولكن اشترطت علي بأن أطلق زوجتي الأولى وأنا لا أرغب بذلك، كون أولادي شديدي التعلق بي وبأمهم، وقد قلت لها إذا طلقتها الآن فلربما تكون علي حقوق تجاهها، ولكن بمجرد أن أتزوجك من الطبيعي أن زوجتي الأولى ستذهب عند أهلها زعلانة، ومن ثم ستخلعني، وبالتالي لن يكون علي أي حقوق تجاهها، فوافقت، ولكن قالت إذا تزوجتني ولم تخلعك، ولم تطلقها سأذهب إلى أهلي، وأطلب الطلاق، فوافقت.

لا أعتقد أن زوجتي ستخلعني، مع أني كثير المشاكل معها، وفي قرارة نفسي لا أرغب بالطلاق من الأولى، فهل يجوز بعد أن أتزوجها وتكون زوجتي الأولى رجعت أن أذكر زوجتي الثانية بالله، وأرفض طلاق الأولى أم لا يجوز؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول: يجب عليك أن تعلم أن الزواج ليس تسلية ولا مشروعا مؤقتا، وإنما هو تحمل مسؤولية ومشروع عمر، والأصل فيه الاستدامة، والواجب عليك أن تدرس حياتك دراسة تامة، والتيقن من أنك قادر على النفقة والعدل بين زوجتين؛ لأن الله تعالى إنما أباح التعدد لمن كان قادرا من جميع النواحي، وكفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول.

لا يجوز للثانية أن تشترط عليك طلاق زوجتك الأولى أم أولادك، ولا يجوز لك أن تتكلم معها بذلك الكلام من أنك ستطلقها لولا ما لها من حقوق كبيرة؛ لأن هذا بحسب استشارتك كذب، فأنت لا تريد الطلاق، ولن تفعله أصلا، فعليك أن تبدي للزوجة الجديدة الصدق بأنك لن تطلق زوجتك.

لا يجوز كذلك أن تبين لزوجتك الجديدة بأن بينك وبين أم أولادك مشاكل، لأنها وإن وافقت على الزواج بك فستبقى تعير أم أولادك بأنك ما تزوجت الثانية إلا لأنها صاحبة مشاكل معك، وأنك لا ترتاح معها والبيوت أسرار كما يقال ويكفي أن أم أولادك صابرة كذلك معك وهي محل قضاء شهوتك ومربية أولادك وغاسلة ملابسك وطاهية طعامك والله تعالى يقول: (ولا تنسوا الفضل بينكم ۚ إن الله بما تعملون بصير).

أنت بهذه الطريقة تقع في أخطاء، منها أنك تخدع زوجتك الثانية حين توافق على شرطها ثم عندما تتزوج بها وتكون قد دخلت بها ستعود لتذكرها بالله تعالى، بل الواجب تذكر نفسك بالله، ثم تذكرها بالله قبل الزواج بها، وأن تبين لها أن هذا الشرط لا يحل لها، فإن رضيت فالحمد لله، وإن لم ترض فما ضيق الله عليك.

لنفترض أن زوجتك الأولى تقبلت الأمر وكانت عاقلة ولم تذهب إلى بيت أهلها، ولم تطلب الطلاق، بل طلبت منك العدل في السكن والنفقة والمبيت، ثم ذهبت إلى بيت أهلها الثانية وأصرت على الطلاق فماذا أنت فاعل؟ ولو طلقتها ألا ترى أنك أضررت بها؟ وهل ترضى مثل هذا لأختك أو لابنتك؟ فإن كنت لا ترضى فكذلك الناس لا يرضون مثل هذا لبناتهم، فاتق الله سبحانه وتحدث معها ومع أهلها بوضوح.

فكر في موضوع الزواج بعقل وليس بعاطفة، فالعاطفة تعمي وتصم وتبعدك عن النظر في العواقب والمآلات، وأخشى أن تندم على اتخاذ قرار ارتجالي وسريع بمثل هذا الموضوع.

أنصحك بعد أن تنظر إلى قدراتك أن تصلي صلاة الاستخارة، فما خاب من استخار ولا ندم من استشار، وإيكال العبد أمره لله يختار له ما فيه الخير سيكون فيه البركة، فاختيار الله للعبد خير من اختيار العبد لنفسه.

لا بد أن تأخذ بخاطر أم أولادك فيما لو قررت الزواج بثانية، وعليك ألا تشعرها بأي نقص في حياتها؛ فالمرأة أسيرة عند زوجها، ولعلك تدرك عاقبة الطلاق فيما لو حدث فسيصبح الضحية الأبناء، ولن تجد لأبنائك مثل أمهم في تربيتهم والقيام بشئونهم.

الزواج بثانية فيه إشباع للشهوة، لكن حسرات الطلاق وضياع الأولاد غصة ستبقى تلاحقك ولن تنعم بلذة تلك الشهوة أبدا إن أقدمت على الموضوع دون دراسة وتأن، وأخذ بخاطر أم أولادك.

أوصيك أن توثق صلتك بربك، وتجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح؛ فذلك هو ما سيجلب لك الحياة السعيدة والطيبة يقول تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

أغلب المشاكل التي تطرأ بين الرجل وزوجته قد يكون منشأها المعاصي يقول تعالى: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) قال الحسن البصري: "والله إني لأعلم ذنبي في خلق زوجتي وفي خلق دابتي" فأصلح ما بينك وبين ربك يصلح الله ما بينك وبين زوجتك.

في أم أولادك من الصفات ما لم تكتشفها، أو أنك تغض الطرف عنها وتتعامل معها بشيء من الأنانية فتعميك عن النظر في فضائلها وصفاتها الحسنة، والواجب على المسلم أن يغلب الصفات الحسنة على السيئة إن وجدت، ويجتهد في إصلاح زوجته بالحكمة والموعظة الحسنة.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله الهداية لنا ولك والتوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات