الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اتفقت مع زوجتي الثانية على أمور ولكنها تراجعت عنها، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لديّ زوجةٌ وأولادٌ، وتزوجت بأخرى باتفاق بيننا على بعض الأمور الخاصة بنا، مثل: عدم المبيت، وعدم الإنجاب، وأن يتنازل كلٌ منا عن بعض حقوقه؛ نظراً لظروفنا؛ فكلٌ منا له أولاده وظروفه، وبعد فترة اتهمتني زوجتي الثانية بعدم العدل، بعد أن تغيرت ظروفها التي كانت تمنعها من المطالبة بالعدل في المبيت، وأنا كنت أعوضها عن ذلك بأن أكثر الخروج معها والنفقة.

أنا الآن حائر، ولا أعرف هل يشفع لي عند ربي أني تزوجتها على اتفاق محدد بيننا؟ وهل يحق لها بعد ذلك العدول عن هذا الاتفاق؟ وخصوصًا أنها تقول بأنها أصبحت لا تطيق وجود زوجتي الأولى معي، وأنها لم تكن تعلم أن الأمر فيه كل هذه المشقة النفسية، وبسبب تعبها النفسي تحولت حياتها معي إلى عذاب، وأراها دائمًا على كدر وضيق وهم، وهي لا تحسن معاملتي بسبب هذا الضيق النفسي، ولا أعرف ماذا أفعل، وخصوصًا أنها وافقت على الزواج بدون علم أحد غير أمي، حتى زوجتي وأولادي لا يعلمون بذلك، وأنا أخشى على أولادي لو طلبت زوجتي الطلاق، وأعلم أن زوجتي الثانية لن تتمكن من تربيتهم ورعايتهم.

أفيدوني أفادكم الله، فأنا لا أتحمل إحساسي بالذنب والحساب أمام الله عز وجل.

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أشرف حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك – أخي الكريم – في استشارات إسلام ويب.

لقد أصبت – أيها الحبيب – حين بدأت هذا الزواج باتفاق مع زوجتك الثانية على إسقاط بعض الحقوق، ما دمت غير قادر على إقامة العدل على الوجه الكامل الذي شرعه الله تعالى، وهذا الصلح جائز، وقد شهد له القرآن الكريم، فقد قال الله سبحانه وتعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} [النساء: 128].

وقد جاء في تفسير هذه الآية أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أراد أن يُطلق زوجته سودة فتصالحتْ معه على أن تُسقط حقَّها من المبيت، وتهب ليلتها لعائشة -رضي الله تعالى عنها- في مقابل أن تبقى زوجة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وتكون معه في الآخرة، فرضي النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا، وصار يَقْسِمُ لعائشة ليلتين، ليلتها وليلة سودة، وبقيتْ سودة زوجةً للنبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يكن يقسم لها في المبيت.

فهذا الصلح إذًا جائزٌ بين الزوجين ولا حرج فيه، ولكن للمرأة التراجع عنه إذا أرادت التراجع، وفي هذه الحال يلزم الزوج أحد أمرين: إمَّا أن يعدل، وإمَّا أن يُفارق هذه الزوجة إذا كانت تُريد الفراق، فإذا أرادت الفراق كان ذلك من حقِّها، ولا يلزمك شيءٌ غير ذلك.

وننصحك بأن لا تُطلّق زوجتك الأولى، وألَّا تُعرّض أبناءك للضياع؛ فإن الأطفال بحاجة شديدة لأُمِّهم والقيام عليهم، وإذا ساءت الحياة بينك وبين زوجتك الثانية ولم تتمكّنوا من إصلاح الحال فقد قال الله -سبحانه وتعالى- بعد آية الصلح هذه التي ذكرتها قبل قليل، قال الله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا} [النساء: 130].

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً