السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم جزيل الشكر على ما تقدمونه لأمة الإسلام من أجوبة كافية ووافية لاستشاراتهم.
زوجتي سبق وأن تزوجت قبلي بشخص لم تحبه، ولم ترد أن تحمل منه، ورغم احتياطاتها حملت ورزقها الله بولد منه، وطلبت منه الطلاق، فلم يطلقها بسهولة، وأجبرها على خلعه، وبعد ولادة ابنها أعطته لأمها كي تربيه، ولم تخبره أنها أمه، وكانت حجتها أن لا يعرف أن أباه طلق أمه كي لا يتعقد.
مع العلم أن أباه لم يسأل عليه، ولم يهتم به، وأنها سوف تخبره عندما يكبر بالحقيقة، وأنها أمه، فنشأ الطفل يعتقد أنها أخته الكبيرة، وهذا الطفل يبلغ من العمر 8 سنوات الآن.
سؤالي هو:
- ما مدى تأثير إخفائها أنها أمه عليه مستقبلا؟
- هل تواصل إخفاء الحقيقة عليه حتى يكبر وتخبره بذلك؟ وما هو الوقت المناسب لإخباره بالحقيقة؟
- هل سيكرهها عندما يعلم أنها حرمته من كلمة ماما؟ وهل سيكرهني أنا زوجها؟
أرجو منكم توضيح تبعات هذه القضية، وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عزالدين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك -أخانا الفاضل وابننا الكريم- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يوفقكم وأن يصلح الأحوال، وأن يحقق لنا ولكم صلاح النية والذرية وحسن الأخلاق والصدق في الأقوال والأفعال.
لا شك أن الجدة هي أقرب الناس إلى الطفل مع قناعتنا أنه لا بديل عن الأم سوى الأم، ومن هنا فنحن ننصحها بالاهتمام به وإشباعه عاطفيا ليكون ذلك نوعا من التدرج في الوصول به إلى مرحلة إخباره بحقيقة الأمر.
أما بالنسبة للتوقيت المناسب لإخباره فهو سن العشر سنوات، وهي سن يمكن أن يتحمل فيها الصدمات، ويتفهم عواقب الأمور ونتائجها، وهي أيضا مرحلة البحث عن المكانة العائلية، ونتوقع أن لا يكون الأمر صعبا؛ وذلك لحنان الجدة، بالإضافة إلى تقصير الأب معه.
ونحن نعتقد أن الموقف سيترك عليه بعض الآثار، ودوركم جميعا كبير في محوها، وأنت كزوج لأمه لك دور نرجو أن لا تقصر في القيام به، ونحن نستبشر بسؤالك واهتمامك، ونأمل أن لا يشعر بأي فرق في التعامل بينه وبين إخوانه لأمه مستقبلا.
وليس من الصواب الاستمرار في إخفاء الحقيقة عنه؛ وذلك لأن هذه المرحلة هي الأنسب، ولأن التأخير يفقده الثقة فينا، خاصة إذا سمع الحقيقة من غيرنا، ونتمنى أن تجتهدوا في تحسين شخصية والده، ولا تركزوا على ما حصل من التقصير؛ لأن والده يظل والدا مهما حصل، ونأمل أن يأتي اليوم الذي يقوم فيه بما عليه من واجبات تجاه ابنه.
وأرجو أن تعلم أن الطفل لا يكره من أحسنوا إليه واهتموا به، مع أهمية اختيار الأسلوب المناسب والتوقيت الجيد، فلا يكون ذلك في يوم دراسي، بل يفضل أن يغمر بعده بالاهتمام، مع الحرص على الإجابات الهادئة على تساؤلاته، والاستمرار في الإحسان، وتجنب إبراز تقصير الأب أو ذكر مساوئه، أو تفريغ شحنات الغضب عليه في شخص طفله، وهذا اللطف مطلوب من الجدة ومن الأم التي كانت تقوم بدور الأخت.
وهذه وصيتنا لكم بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، والاهتمام بتربيته على الصلاة والصلاح، والتركيز على إيجابياته، والسعي في تحقيق التميز الأخلاقي والأكاديمي إلى غير ذلك من الأمور التي تجلب له الثقة في نفسه بعد ثقته في ربه وحسن توكله عليه سبحانه.
نسعد بالاستمرار في التواصل وإفادتنا بما تم من إجراءات وخطوات، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق، ولابننا السداد والنجاح.