السؤال
السلام عليكم.
أنا شاب عمري ١٧ سنة، في الصف الثالث الثانوي الأزهري، وأجتهد لكي أحصد أعلى الدرجات، وأصلي، وأقرأ القرآن، ولكن لا أستطيع التوقف عن مشاهدة الأفلام الإباحية، وممارسة العادة السرية، وكلما استغفرت الله وأتوب أعود إلى الذنب مرة أخرى، وكلما عاهدت نفسي بأن لا أرجع ثانية أعود، وأقصى مدة وصلت لها بدون المشاهدة نحو أسبوعين، لا أعلم هل الله يقبل توبتي بعدما أعود إلى المعصية بعد عهد بأن لا أعود؟
لقد كرهت حياتي، وأشعر بأن الله لن يتقبل مني توبتي، ولكن لا أريد أن أكون يائسا من رحمة الله، ولكن أشعر بأن لدي شخصين يتعاركان في قلبي، أحدهما يقول استغفر، والآخر يقول إنك تلعب بالتوبة، ماذا أفعل؟ هل يتقبل مني الله التوبة؟ وما سبب الإفراط في هذه الشهوة؟ هل بسبب الضغوط النفسية بسبب الامتحانات والدروس أم غير ذلك؟
اليوم كان عندي درس قبيل العصر، وأنا في الطريق كان المسجد يشغل القرآن الكريم، فسمعت الشيخ يقول (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم)، هل هذه رسالة من الله أم مجرد صدفة؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك في موقعنا، ونسأل الله أن يصلح شأنك، والجواب على ما ذكرت يمكن في الآتي:
بداية أقول لك: إن استعمال العادة السرية ظاهرة سيئة منتشرة بين الشباب، ومرد ذلك البعد عن الله تعالى، وقلة الاهتمام بمراقبة الله، وضعف الإيمان، ومجالسة رفقاء السوء، والفراغ من أي عمل مفيد، والنظر إلى المقاطع الإباحية، وإذا أردت أن تتخلص من العادة السرية، فكن جادا، واستعن بالله وتوكل عليه وعالج الأسباب التي تقدم ذكرها، وعند ذلك لن تعود إلى استعمال هذه العادة.
اعلم -أخي الكريم- أن فيك علامة خير بكونك حريصا على التخلص من العادة السرية، ولكن هناك أمور لا بد أن تعلمها من ذلك أن استعمال العادة السرية محرمة شرعا، ووجه التحريم أن الله سبحانه أمر بحفظ الفروج في كل الحالات، إلا بالنسبة للزوجة، وملك اليمين، فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين واستمنى، كان من العادين المتجاوزين ما أحل الله لهم إلى ما حرمه عليهم.
يقول الله سبحانه: (والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين).
فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) سورة المؤمنون، الآيات: 5، 6، 7، وثبت ضرره الصحي من إصابة متعاطيه بالضعف الجنسي أو العقم في المستقبل، كما أن من ابتلي به يصعب عليه تركه فيكثر منه، ويحصل له ضعف في الأعصاب والانتصاب ونحو ذلك.
مما ينبغي أن تعلمه أيضا أن الشاب المسلم لا بد أن يكثر من الدعاء والتضرع إلى الله بأن يصرف عنه فتنة النساء والوقوع في الحرام، والبعد عن تفريغ الشهوة في غير محلها، وداوم على الاستغفار، وكثرة الذكر، حتى تصبح نفسك تميل إلى الطاعات، وتترك المعاصي، والتفكير في الحرام.
عليك أيضا الحرص على أن تتزوج في أقرب وقت ممكن، وادع الله أن يرزقك الزوجة الصالحة، وإذا لم تقدر على ذلك بسبب تكاليف الزواج، فيمكن أن تكثر من الصوم حتى تضعف الشهوة في نفسك إلى أن ييسر الله لك الزواج.
أخي الكريم: حلفت مرة ولم تف بيمينك، وعاهدت الله أن لا تعود وعدت، فهذا يدل على ضعف نفسك على تحمل الوفاء بما أقسمت أو عاهدت، فلذلك لا تعد لهذا مرة أخرى، فعليك الآن أداء كفارتين يمين، الأولى لليمين، والثانية للعهد، لأن العهد نذر وإذا لم تف فعليك كفارة يمين.
أخيرا، حكم النظر إلى النساء الأجنبيات ومقاطع الفيديو الإباحية حرام شرعا، لعموم النصوص الآمرة بغض البصر عن الحرام، قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون} [النور : 30]، وعن عبادة بن الصامت، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اضمنوا لي ستا من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم" رواه أحمد.
النظر إلى الحرام يوقع الشاب المسلم بالتعلق بالصور، وإدامة النظر من غير فائدة، ويخشى عليه من الانحراف في الوقوع في الفاحشة -والعياذ بالله- فعليك بتقوى الله ومراقبته، والعمل بطاعته، والابتعاد عن النظر الحرام.
باب التوبة مفتوح، وما سمعته في طريقك من قراءة الآية ليس صدفة وإنما هو تذكير من الله لك، بأن الله يقبل توبة عبده إذا أقبل عليه تائبا منيبا، ولا تيأس أبدا من رحمة الله؛ لأن القنوط من أنك لن تقبل توبتك، هذا من مداخل الشيطان حتى يصرفك عن التوبة، وحتى يوقعك في كبيرة من كبائر الذنوب وهو القنوط من رحمة الله، ولذلك كلما أذنبت تب إلى الله باستمرار، والتوبة تكون مقبولة منك ويمحى عنك الذنب إذا تحققت فيها شروط، الإقلاع عن الذنب في الحاضر، والندم على ما حصل في الماضي، والعزم على أن لا يعود إليه في المستقبل.
أما عوامل الثبات على الدين فلا بد من تقوية الإيمان بطاعة الله، وأن تكون لك رفقة صالحة تعينك على ذلك، وأكثر من قراءة القرآن الكريم وحاول حفظ ما استطعت، وداوم على أذكار الصباح والمساء والذكر في كل وقت، والإكثار من الاستغفار عامل مهم في الثبات، كما أن قراءة سيرة الأنبياء والصالحين، وكثرة الدعاء بالثبات أيضا من العوامل المهمة.
أعلم -أخي الكريم- أن مجاهدة النفس على الاستقامة على الدين، يحتاج إلى وقت، وإذا صدقت مع الله أعانك الله وجعلك صالحا، قال تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ۚ وإن الله لمع المحسنين) [سورة: العنكبوت، آية: ٦٩].
وفقك الله لمرضاته.