السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
لدي صديق كبير في السن مر بتجربة قاسية غيرت تفكيره, كان شخصا متدينا لدرجة قوية، يقوم الليل ويصلي ويحفظ القران، ويبتعد عن المحرمات بجميع أنواعها، لكن في لحظة ما تغيرت أفكاره ومعتقداته فأصبح لا يصلي، ابتعد عن دينه، يؤمن بوجود الخالق لكنه لا يؤمن بأن لدى الله -عز وجل- القدرة المطلقة، ويؤمن بيوم الحساب لكن لا يهمه سواء ذهب إلى الجنة أو إلى جهنم، كل ما يقوله: أن عليه أن يكون شخصا جيدا في الدنيا لا يؤذي ولا يظلم أحدا، ويساعد الناس وينشر الخير، ولا يهمه أمره بعد مماته.
عندما سألته إلى من تلجأ حينما تضيق بك الحياة؟ قال لا تضيق بي الحياة لأنني لست مهتما بأي شيء، سأعيش لفترة وسأرحل.
سؤالي جزاكم الله خيرا: كيف أقنعه بأن الإسلام هو دين الحق؟ أرى أن على عينيه حجابا، لا يريد أن يرى الحق، ولا يريد أن يسمع أي أفكار أخرى، ماذا أفعل؟
أفيدوني جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ كوثر حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب، نشكر لك تواصلك معنا، كما نشكر لك اهتمامك بشأن دينك ودعوة الناس إليه، وما سألت عنه من كيفية الحوار مع من لا يؤمن بالدين، فالجواب عنه يطول، وليس محل الاستشارات هذه، والإجابة عن هذا النوع من الأسئلة، وإنما الغرض إسعاف السائلين والمستشيرين بما يحتاجونه من الأسئلة الملحة التي هم في حاجة إليها، أما في كيفية مدافعة الأفكار ونحو ذلك، فهذا النوع من الأسئلة يحتاج إلى كلام طويل.
لكن إجمالا يمكننا أن نقول لك أن أصل الدعوة قائمة على إثبات وجود الخالق -سبحانه وتعالى- لهذا الإنسان، وهذا يلزم منه أن يكون هو المستحق للعبادة، لأنه -سبحانه وتعالى- المالك الخالق المدبر، فإذا كان هو الخالق فهو الذي يستحق أن يأمر وينهى ويطاع ويعبد، كما قال سبحانه: {ألا له الخلق والأمر}.
قد ذم الله تعالى المشركين بأنهم جعلوا مع الله -سبحانه وتعالى- آلهة أخرى لا تخلق ولا ترزق ولا تضر ولا تنفع، فينبغي أولا أن يكون النقاش حول وجود هذا الخالق بهذه الصفات، ثم بعد ذلك ينتقل الشخص إلى إثبات الرسالة والنبوة، وأن هذا الخالق إذا خلق الناس فإنه لا يتركهم سدى ولا يخلقهم عبثا، فأرسل إليهم الرسل وأنزل إليهم الكتب.
إذا أثبتنا نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- بالبراهين والمعجزات الدالة على صدقه ومنها القرآن، فإنه بعد ذلك ننتقل إلى ما جاء به هذا الرسول من الأوامر والنواهي والعقائد الصحيحة الواجبة الاتباع.
أدلة صدق النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيرة، ومعجزاته التي تثبت بها نبوته كثيرة جدا قد ألفت فيها كتب قديمة والعلم الحديث اليوم يثبت صحة ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم-، بهذه الطريقة نثبت صحة الديانة ونبوة النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن أراد الله تعالى به خيرا، وأراد أن يهديه.
هنا أمر لابد من التنبيه عليه -أيتها البنت العزيزة- وهو: أن تعتني -ولا بد- بأحكام دينك، ومن هذه الأحكام علاقة المرأة بالرجل الأجنبي عنها، هذه العلاقة أو اللقاء بالرجل الأجنبي، قد حفتها الشريعة بجملة من التوجيهات والآداب التي المقصد منها: صيانة المرأة والحفاظ عليها وحمايتها من أن تقع في المخالفة، أو أن يجرها الشيطان إلى ما لا تحمد عقباه، فكلفك الله -سبحانه وتعالى- بالحجاب وعدم الاختلاء بالإنسان الأجنبي، وعدم الكلام معه، إلا بكلام لا تكسر فيه، والأفضل أن يكون بقدر الحاجة.
هذه التوجيهات أنزلها الله تعالى، ونطق بها نبينا -صلى الله عليه وسلم- لحماية المرأة والحفاظ عليها، وفيها الخير الكثير لها.
نسأل الله تعالى أن يهديك السبيل المستقيم، وأن يكون منك على بال وعناية، بارك الله فيك.
وللفائدة راجعي هذه الاستشارات المرتبطة: (110750 - 277492 - 110826 - 269555 - 2139756).
والله الموفق.