السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالبة طب مغتربة، الحمد لله حياتي جميلة، ولا شيء ينقصني، لكنني لست سعيدة بسبب كوني غير ملتزمة بصلاتي، فضميري يؤنبني وأشعر باليأس، والسبب الآخر هو كوني فقدت حماسي ودافعيتي للدراسة بعد أن كنت في الثانوية العامة.
أتمنى أن أدخل كلية الطب، وها أنا الآن فيها، ولكن لا أعلم سبب هذا الفتور الذي أنا فيه؟ فتور عن الدراسة والحياة بشكل عام، أبقى مشغولة الذهن بأحداث الجامعة اليومية التافهة التي تستهلك طاقتي وتفكيري، أتمنى حقا التوقف عن التفكير؛ حتى أن أمي تقارنني بقريناتي، تقول: انظري لفلانة وفلانة أنت أحسن منهم، تقصد بذلك أن تهدئ من روعي، لأنه أصبح مرض بالنسبة لي، رغم أنني لا ينقصني شيء، لكنني لست قادرة على التركيز والانغماس في الدراسة.
أريد حلا جذريا وفعالا وطويلا.
كما تراودني وساوس تظل عالقة في ذهني، مثل:
أنني لا أستحق ما لدي، ولماذا أدرس وهناك الكثير غيري متفوقين؟ كيف سأتفوق عليهم؟ أو ماذا سأزيد أو أنقص؟ ولماذا أتعب أهلي ماديا ونفسيا وفي النهاية أنا أنثى، والانثى مردها لبيتها، وهذه هي نظرة المجتمع.
أرجوكم التفكير يكاد يمرضني، توقفت عن مزاولة أنشطتي اليومية، لا أفعل شيئا غير الانغماس في هذه الأفكار، أتمنى أن آخذ دواء وأنسى كل شيء.
المشكلة الأخرى:
أن الله حباني بهيئة جميلة بهية -والحمد لله-، ولكن عيون الشباب علي أينما حللت، لقد مللت، وهذا أيضا من الأشياء التي تشتت تفكيري في دراستي.
كم أتمنى أن تساعدوني حقا، لأن موعد امتحاناتي اقترب، وأتمنى أن أدرس وأنا في نفسية مطمئنة وهادئة البال.
وشكرا جزيلا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ mariam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك - -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونهنؤك بما وهبك الله من خيرات، وندعوك إلى شكر رب الأرض والسموات، ونسأل الله أن يصلح لك الأحوال، وأن يحقق لك السعادة والآمال.
لا شك أن مفتاح الطمأنينة والسعادة والرزق هو المواظبة على الصلاة والسجود للوهاب التواب، الذي يتفضل علينا دون سابق استحقاق، والصلاة صلة بينك وبين خالقك، وسبب رئيس في استقرار وطمأنينة النفس؛ لأن في الصلاة تلاوة وأذكار وركوع وسجود، ولا مكان للطمأنينة إلا في رحاب الإيمان والذكر، قال تعالى: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.
كما أن في الصلاة والمواظبة عليها شكر لله، لأن العمل بالطاعات لون من ألوان الشكر لله تعالى، قال تعالى: {اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور}.
ومما يعينك على الشكر وصية الوالدة التي هي قبس من وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن ننظر إلى من هم دوننا أسفل منا في كل أمور الدنيا، وأن ننظر إلى من هم فوقنا في أمور الدين لنتأسى بهم، ونظرنا إلى من هم أقل منا يعيننا على التعرف على نعم الله علينا وعلى شكرها، ونظرنا إلى من هم أحسن منا تدينا يدفعنا للتأسي بهم والصعود معهم في مدارج القرب من الله سبحانه.
وأرجو أن تصادقي الصالحات المصلحات الجادات، فإن في صحبتهن الخير الكثير، واحرصي على النجاح والتفوق، واعلمي أنه مهم للرجال وللنساء، والمرأة المتفوقة في دراستها أم ناجحة وموظفة متميزة وإنسانة راقية، فالعلم يرفع بيتا لأعمال الله، وربنا سبحانه يقول: {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}.
فتعوذي بالله من الأفكار السالبة، واشغلي نفسك بالعبادة والدراسة والهوايات النافعة قبل أن يشغلك الشيطان بسفاسف الأمور.
أما ما ذكرت من نظرات الشباب إليك فعلاجها يكون بمزيد من التستر، وبالبعد عن مواطن الرجال جهدك، ثم بالتغافل عن نظرات المتطفلين، واعلمي أن الفتاة هي من تحدد موقف الرجال منها، وهي من تحدد المسافة والمساحة الخاصة بها، فحافظي على حجابك ووقارك، وخذي بقول الله تعالى: {ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين} يعرفن بأنهن العفيفات الفاضلات الخيرات.
وننصحك بالاقتراب من والدتك الفاضلة العاقلة، واستمعي لنصحها، واطلبي دعائها، واجتهدي في برها وبر والدك، وكوني مع الضعيفات المحتاجات ليكون في حاجتك رب الأرض والسموات.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، وأكثري من الاستغفار ومن الصلاة والسلام على رسولنا المختار، فإن في ذلك ذهاب الهموم والغموم ومغفرة الذنوب، واعلمي أن الخير كل الخير في طاعة الله، والأمر كما قال ابن عباس: (إن للطاعة ضياء في الوجه، وانشراحا في الصدر، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق).
أما بالنسبة للدراسة فننصحك بتنظيم جدول المذاكرة حتى تحققي النجاح والتميز، فإن في ذلك مزيدا من الفرص للنجاح في الحياة الخاصة والعامة.
نسأل الله أن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح، وأن يقدر لك الخير ثم يرضيك به.