كيف أفهم نفسي والناس من حولي؟

0 77

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لا أفهم الجو العام نظرا لقلة انفتاحي وقلة اعتيادي على الحديث والمناقشة عن شعوري في المواقف، ولا أعبر عن ذلك لأحد، لأني انعزالية منذ الصغر، فأصبحت أنفي الأفعال المتشابهة والمواقف المختلفة لفهم أمر أو موقف مبهم، وأشعر بأني صرت أفهم الناس، وتعرضت لبعض المشاكل ولم أستطع التعامل معها، جعلتني أنتبه للناس.

أعلم أن الناس تنزعج ممن يحدق ويطيل النظر إليهم، حتى لو كان التحديق شرودا دون انتباه، وحتى أنا يزعجني ذلك، وقد تفهم أنه تحدي، ولكن أريد أن أفهم أسباب الناس المحتملة لكراهية ذلك، وما الذي يعبر عنه التحديق في نظرهم؟ وهل هناك من لا ينزعج منه؟ وهل ذلك يعتبر سلامة نية منه؟ وهل الابتسامة تزيل الانزعاج؟

عند تنحنح شخص، هل يكون سببها إحراجا أم عتابا ولوما أم أمرا لاإراديا لا يقصد به انتباه أحد؟ علما أني لا أوسوس في هذه الأمور، وأرى أني سأكون أفضل في التعامل عند فهم مشاعر الناس وتعبيراتهم المختلفة.

أحسن الله إليكم على ما تقدمونه، وجزيتم خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أ. ي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر ثناءك على موقعك، ونسأل الله أن يصلح حالك.

السؤال عميق ونشكرك عليه، ونؤكد أن الجوانب الاجتماعية مهمة جدا، وأن الإنسان كائن معقد جدا، وتتجلى فيه عظمة الخالق القائل: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون"، والقائل في كتابه:"ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها".

وقد أنزل الله كتابه وأرسل رسوله ليعلمنا ويزكينا بالوحيين، ومن خلال أخلاقه وسمته، وهو النبي الذي أدبه الله فأحسن تأديبه، وأرسله ليتمم مكارم الأخلاق، وقال عنه سبحانه:" وإنك لعلى خلق عظيم".

والإسلام يدعو إلى أن نعامل الناس بمثل ما يعاملوننا به، وأعلى من ذلك أن نعاملهم بما نحب أن يعاملوننا به، والأعلى من ذلك أن نعاملهم كما يحب ربنا ويرضى، والأعلى من ذلك أن نعامل كما نحب أن يعاملنا ربنا الرحيم الكريم الستير العفو سبحانه.

إن النظر له دلالات، وللعين لغة تخبر عن ما فيها وما وراءها، والعين نعمة، ومن شكر هذه النعمة أن لا نستخدمها في أمر يغضب الله، كالسخرية والهمز واللمز والاحتقار، أو النظر إلى ما حرم الله النظر إليه، وكل نعمة ينبغي أن تستخدم في رضوان الله.

وليس من الذوق السليم والأدب تحديق النظر إلى الناس، أو التلصص به على خصوصياتهم، كالنظر في جوالاتهم أو التلفت في داخل بيوتهم، أو من فتحات أبوابهم، وقد جاء النهي عن كل ذلك، ورغم أن الإنسان قد يحدق من الاندهاش أو الإعجاب إلا أن الناس لا يحبون ذلك، والعقلاء يتحكمون في كل ذلك مستعينين بالله، ثم بالتدريب النفس على غض البصر وترك الفضول.

وإحسان الظن بالناس مطلب، والابتسامة تطفئ كثيرا من الآثار السالبة، إذا كانت الابتسامة صافية خالصة بريئة، ولم تخرج مخرج السخرية أو التشفي أو الشماتة، والابتسامة صدقة يكافئ عليها الإسلام، والله العليم الخبير يعلم السر وأخفى، فاحتكمي لآداب الشرع واقصدي بكل أعمالك وتصرفاتك وجه الله، وأحسني الاعتذار لمن يحصل عندهم سوء فهم، والتنحنح له أسباب كثيرة، وله دلالات مختلفة بحسب توقيته ونبرته ومقداره، وهناك من يعتذر إذا عرض له ما يدعوه للتنحنح.

وهذه وصيتنا لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، ونحيي رغبتك في تطوير معرفتك في فهم المشاعر، وليس في الأمر وسوسة، وهذا علم يمكن تعلمه، وندعوك للتعمق في دراسة هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا المجال، ونرشدك لكتاب: (هكذا عاملهم) للشيخ المنجد، وفي الكتاب هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في التعامل مع فئات من البشر، ونؤكد أن الفائدة كبيرة لك ولمن تتعاملين معهم، واجعلي المعيار والمقياس شرع ربنا خالق البشر سبحانه، وهو القائل:" ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير".

ونسأل الله أن يرزقك العلم النافع والعمل الصالح.

مواد ذات صلة

الاستشارات