الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أعتذر إلى من يريد أن يقترض مني المال لغير حاجة حقيقية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في مرات كثيرة يطلب مني بعض الأشخاص مالًا، ويكون لدي مال، لكنني لا أرغب في إعطائهم، فأقول لهم: لا أملك شيئًا، فهل عليّ إثم في ذلك؟

من بين هؤلاء: أخواتي وإخواني، ومنهم من هم من أهل الحي، وأشعر أحيانًا أنهم يستخفّون بي، أو يبالغون في الطلب، وبعضهم يريد المال لشراء (السطائر)، وهي حبوب مخدّرة، ومنهم من يطلبه لشراء مشروبات أو أطعمة يتلذذ بها، لا لحاجة ضرورية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Omer حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك في استشارات إسلام ويب، نشكرك على تواصلك مع الموقع، كما نُثني على حرصك على الصدق والتحرُّز من الوقوع في الكذب، فهذا من حسن إسلامك. نسأل الله تعالى أن يزيدنا وإياك هدىً وتوفيقًا وسدادًا.

لا شك -أيها الحبيب- أن إقراض المحتاج قربة من القربات التي ينبغي للمسلم أن يتقرب بها إلى الله تعالى، إذا كان هذا المقترض محتاجًا بالفعل لهذا القرض، وكان المقرض لا يتضرر به، فإن ذلك عمل صالح، وقد جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- من يقرض مبلغًا من المال مرتين، كمن يتصدق به مرة واحدة، فقال: "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُقْرِضُ مُسْلِمًا ‌قَرْضًا ‌مَرَّتَيْنِ إِلَّا كَانَ كَصَدَقَتِهَا مَرَّةً" [رواه ابن ماجه]، وذلك لإظهار عظيم فضل القرض الحسن.

ولكن في الحالة التي ذكرتها، وهي أن المقترض يريد فقط أخذ الأموال، ربما يكون أخذه لأغراض محرمة، أو غير مشروعة، ففي هذه الحال ينبغي ألّا يُقرض، وألّا يُعطى هذا المال، وألّا يكون المقرض عونًا له على تحقيق مقاصده السيئة.

وأمَّا كيفية الاعتذار: فالاعتذار بكل لفظ ليس فيه كذب صريح جائز، وإن تكلم الإنسان بكلام له معنيان، يفهم منه السامع معنى، بينما يقصد المتكلم معنى أبعد منه، فهذا جائز، وهذا هو ما يسميه العلماء التَّورية.

فإذا قلت لشخص: (ما عندي)، واقتصرت على هذا، أي ما عندي ما يصلح أن أُقْرضك إياه، أو ما عندي رغبة لإقراضك، أو نحو ذلك، فهذا من الكلام الذي يحتمل معنيين ووجهين، فلا حرج في استعماله، لا سيما عندما يضيق بك المقام في الاعتذار.

والتورية قد رخص فيها بعض العلماء، ولكن مع هذا الترخيص قالوا: لا ينبغي للإنسان أن يتوسّع في استعمالها حتى لا يجرّه ذلك إلى الوقوع في الكذب الصريح.

فإذا رأيت أنه لا إشكال في أن تعتذر اعتذارًا صريحًا، فهذا أحسن، وإن ضاق بك الحال فاحتجت أن تستعمل هذا النوع من الكلام، فلا حرج فيه أيضًا.

نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً