السؤال
أنا امرأة تزوجت برجل يقيم في الغرب، قعدنا مع بعض فترة قليلة وبعدها رجع لشغله، وتركني عند أهلي، ولم يحدث الحمل، زوجي ملتزم من ناحية الدين، وصادق الحديث، ويهتم بمصروفي هذه إيجابياته، -والحمد لله- ولكن توجد مشكلة بيننا، وهي قلة التواصل من قبله، فهو نادرا ما يتصل بي.
مرات أنا أتواصل معه لأطمئن عليه، أسأله لماذا أنت هكذا؟ يقول لي: مشغول بالشغل، وعندي اعتقاد أنه مهما وصلت درجة انشغاله فتتوفر وسائل تواصل يقدر يتواصل معي، ولكنه منقطع عني لا برسائل، ولا باتصال، أحاول أخبئ عن أهلي، وإذا سألوني أقول: إنه بخير؛ لأني لا أريد أبدا الشكوى، خصوصا أني عروسة جديدة.
مرات أفكر بالطلاق؛ لأني غير قادرة أن أستحمل الوحدة، وقلة التواصل، ولا أعلم أي مشكلة حدثت أدت إلى عدم تواصله، وقت ما أتصل له يكلمني بطريقة عادية، أشعر بالوحدة، هل أتخذ قرار الطلاق؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إيمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والتواصل والسؤال، ونؤكد لك أننا لك في مقام الآباء، وأنت مثل بناتنا وأخواتنا، وقد أسعدنا حرصك على عدم الشكوى لأهلك، ونسأل الله أن يرفع قدرك، وأن يصلح أحوالك، ويحقق لك في طاعته آمالك.
إذا كان الرجل ملتزما وصادقا وقائما بالنفقة، وفيه إيجابيات فتلك نعم ينبغي أن تحمدي عليها رب الأرض والسموات، ومن الإنصاف أن نضع الإيجابيات إلى جوار السلبيات قبل الحكم، وعلينا كذلك أن نتذكر أن الكمال محال في الرجال، أو عند النساء، فنحن بشر والنقص يطاردنا، وطوبى لمن تنغمر سيئاته في بحور حسناته.
ولاشك أن قلة التواصل فيه إزعاج، ولكننا بحاجة إلى أن نفهم طبيعته؛ لأن من الناس من لا يحب التواصل، ولم يعتد عليه من والديه وأسرته أو معهم، وفي الناس من هو مشغول فعلا، ومن الناس من يظن أن الحب في العطاء وتوفير الاحتياجات، بل إن الأمر ربما يحتاج إلى تدريب ووقت، ولذلك فنحن نطالبك بالصبر وتحري الحكمة حتى تصلي إلى ما تريدين.
ونتمنى أن تتواصلي معه، وتسألي عنه طالما كان ذلك متاحا، واعلمي أن خير الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه، وحاولي عند الاتصال تجنب اللوم والعتاب، وعبري له عن الحب والشوق والاهتمام، وإذا سألك أهلك فقولي خيرا، واعلمي أن هذا شأن الفاضلات والمرأة العاقلة لا تشكو حالها، ولا تفضح زوجها كما فعلت زوجة إسماعيل الثانية لما سألها خليل الرحمن عليهم وعلى نبينا صلاة الله وسلامه: عن عيشهم فقالت له: (أطيب عيش)، فدعا لهما وطلب من ولده أن يثبت عتبة الباب، وكان بذلك يوصيه بأن يمسكها ويحافظ عليها، بينما أمره بأن يطلق من لم تستر على زوجها وتشكت منه.
أما الطلاق فلا ننصح بمجرد التفكير فيه، فزوجك غائب وللغائب أعذاره، ومن حقك أن تذكريه بحقك الشرعي، واطلبي منه أن يكون معك، أو تكوني معه وتفاهمي معه في هدوء وحب.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بالمحافظة على زوجك وحياتك الجديدة، واعلمي أن وجود زوج متدين له إيجابيات، ويحسن الإنفاق، ويتحلى بالصدق ليس من الأمور السهلة في زماننا.
ونسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يجمع شملكم على الخير وفي الخير، وأن يوفقكم لما يحبه ويرضاه.