السؤال
رشحني مديري في العمل لأشغل منصبه، وأنا دائما -ولله الحمد- طموح جدا، ولكني أفكر كثيرا في المسؤولية والتحديات التي قد تواجهني، خاصة من أولئك الذين لا يؤمنون بي، أو يبحثون عن زلاتي ولم يظهروا إلا عندما شقيت طريقي للنجاح، وللأسف كان منهم كثير ممن ظننتهم يوما أصدقاء.
أرجو النصيحة، جزاكم الله خيرا، ونفع بكم وجعلكم في عليين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أخانا الفاضل- في موقعك، ونهنئك بترشيح المدير لك، وذاك مؤشر على تميزك وتفردك، فاحمد الله إذ وهبك ووفقك، ونسأل الله أن يصلح حالنا وأحوالك، وأن يسددك ويحقق لك آمالك.
صاحب الطموح العالي سوف يصل بتوفيق الله عز وجل، فعليك ببذل الأسباب، ثم توكل على الكريم الوهاب، واعلم أن الشكر سبب لزيادة النعم، كما أنه الحافظ للنعم قال العظيم في كتابه: {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}.
وقد أسعدنا شعورك بالمسؤولية، فإن ذاك من دلائل نجاحك، والمدير الناجح يعظم المسؤولية، ويخاف من التقصير، ويقبل التحدي، ويوقن أن التحديات هي التي تخرج الناجحين، ونحن ننصحك بالاستعداد لتقبل الجميع، كما قال الشاعر الحكيم:
ولا أحمل الحقد القديم عليهم ** وليس كبير القوم من يحمل الحقدا
ولا تبال بمن يبحث عن الزلات، واعلم أن العاقل يستفيد حتى مما يذكره الأعداء عنه، فيجتنب النقائص ويسمو بنفسه، ولا تستغرب من ظهور الشامتين، أو حتى الحاسدين، فإنهم لا يظهرون إلا مع مجيء النعم، ونتمنى أن لا تتوقف مع مثل تلك النماذج، بل ترفق بهم، واعلم أن الحاسد يضر نفسه قبل أن يصل أذاه إلى الناس، كما قال معاوية رضى الله عنه: "ما رأيت في خصال الشر أعدل من الحسد؛ لأنه يتوجه إلى الحاسد، فيقتله قبل أن يصل إلى المحسود".
ولا يخفى على أمثالك أن الحسد لا يكون إلا مع المشتركين في الوظائف، أو الجيران، أو الأقارب، فلا يتصور حصول حسد بين تاجر وموظف، ولا بين من يسكن في بلد مع ساكن بلاد أخرى، ومن هنا تتجلى خطورة الحسد الذي ينخر في الدوائر التي أرادها الله حبا وإخاء وبرا ووفاء.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وننصحك بأن ترتفع فوق المشاعر السالبة، وتعامل الناس بما يرضى الله، بل كما تحب أن يعاملك الله، واعلم أن من يرحم يرحمه الله، ومن كان في حاجة إخوانه كان الله في حاجته.
واحرص على أن تتعلم ممن سبقوك، وتواضع لمن حولك لتنال الرفعة عند الله، وكن مستمعا جيدا لمن هم أصغر منك أو أكبر، وقد ثبت في دراسة أمريكية أن مهارة الاستماع الجيد كانت القاسم المشترك بين أكثر مائة مدير حققوا نجاحا وتميزا، وتسلح بالصبر فإن العاقبة لأهله.
ونسأل الله لك التوفيق والسداد.