هل الجن بما أعطاه الله من قدرة قادر على أن يعلم أي شيء؟

0 34

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم -والصلاة والسلام على رسول الله-.

نعلم أن الله خلق للجن قدرات خارقة، مثل الطيران، والتنفس تحت الماء، وذلك بعيدا عن قدرة البشر؛ فنحن البشر إذا سمعنا قوله -جل في علاه-: (أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ۖ وجعلنا من الماء كل شيء حي ۖ أفلا يؤمنون)، (وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر ۖ كل في فلك يسبحون)، وبعد تقدم العلم -حيث ثبت ذلك بالتلسكوب ونحوه- نقول: سبحان الله.

كما يقول بعض الغرب لا بد أن الذي أخبر ذلك هو الله؛ لأن محمدا -صلى الله عليه وسلم- لم يكن معه تلسكوب.

السؤال: هل الجن رغم قدرته على الطيران يستطيع أن يثبت ذلك بنفسه؟ أي إذا سمع ذلك هل سيتعجب مثلنا أم يقول لقد عرفنا ذلك من قبل، نعم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبا بك -أيها الولد المبارك-، وردا على استشارتك أقول:

الجن مخلوقات من خلق الله سبحانه وتعالى، وإن كان ربنا قد جعل لهم قدرات تفوق قدرة البشر إلا أن ذلك يبقى محدودا.

علم الجن علم محدود، ولا يعلمون كل شيء، فهم لا يعلمون الغيب كبقية البشر، وإنما علم الأنبياء والرسل؛ لأن الله أعلمهم بذلك، قال تعالى: (قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ۚ وما يشعرون أيان يبعثون)، ويقول -سبحانه في قصة سليمان-: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم علىٰ موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته ۖ فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين)، ومعنى الآية: فلما قضينا على سليمان بالموت ما دل الجن على موته إلا الأرضة تأكل عصاه التي كان متكئا عليها، فوقع سليمان على الأرض، عند ذلك علمت الجن أنهم لو كانوا يعلمون الغيب ما أقاموا في العذاب المذل والعمل الشاق لسليمان؛ ظنا منهم أنه من الأحياء، وفي ذلك إبطال لاعتقاد بعض الناس أن الجن يعلمون الغيب؛ إذ لو كانوا يعلمون الغيب لعلموا وفاة سليمان عليه السلام، ولما أقاموا في العذاب المهين.

الجن عندهم قدرة على نقل بعض أخبار الناس، ومعرفة بعض أسرارهم، وهي التي ينقلونها إلى الكهنة والسحرة، ولكن ذلك يكون بالتعاون فيما بينهم وبين قرناء البشر من الجن، وهذا أمر طبيعي جدا؛ لأن القرين يسمع كلام الموكل به من البشر، فإذا تكلم بشيء من أسراره ألقاه على الجن الذين يخدمون الساحر أو الكاهن.

هنالك أمور لا يمكن أن يعرفها ولا أن يطلع عليها الجن، ومن ذلك علوم السماء، فإن الله سبحانه قد جعل عليها حرسا شديدا، وجعل شهبا تقذف على كل من حاول منهم أن يسترق السمع؛ ولذلك فقد قالت الجن: (وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا).

لا نستطيع أن نجزم بأن ما يكتشفه العلم الحديث يكون الجن قد علموه، وذلك لأن الأنبياء والرسل لم يتكلموا عنها وهم رسل الله وأنبياؤه، وهنالك قضايا واكتشافات دقيقة للعلم الحديث، والقرآن الكريم لم يتحدث عنها بذلك الشكل التفصيلي، بل تكلم بطريقة عامة، مثل قوله تعالى: (وفي أنفسكم ۚ أفلا تبصرون)، وقوله: (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتىٰ يتبين لهم أنه الحق ۗ أولم يكف بربك أنه علىٰ كل شيء شهيد).

فمثل هذه الاكتشافات التي قام بها العلماء في العصر الحديث لا يمكن أن يقال إن الجن قد عرفوها من قبل البشر؛ لأنها مبنية على معطيات وأبحاث، ومعرفة الجن من عدمه مسألة غيبية والكلام فيها يفتقر للدليل.

والخلاصة أن الجن علمهم محدود، والعلم المطلق إنما هو لله تعالى.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات