السؤال
السلام عليكم ورحمة الله تعالى.
طلقت زوجتي بعد مرور سنتين على زواجنا بسبب كثرة المشاكل بيننا، وبسبب تدخل أهلها في كل صغيرة وكبيرة بيننا، ولدي منها طفلة، ومن الانفصال انقطعت أحبال التواصل معهم (المقصود أهلي وأهلها لا يوجد بينهم أي تواصل، وتعمدت طليقتي قطع تواصلها مع كل الأشخاص الذين من طرفنا سواء أخواتي أو بنات عمي وخالي أو حتى زوجات أصدقائي) باستثناء أخيها لكي أعرف عن طفلتي أخبارها، بعد الطلاق قمت بعدة محاولات لإرجاعها، ولكن تم الرفض.
مع العلم كنا نحب بعضا كثيرا، لم أستطع نسيانها، ولو لدقيقة، فقررت أن أتزوج لكي أنساها، والحمد لله تزوجت، وزوجتي الثانية ليست مقصرة معي في كل شيء، لكني لم أستطع نسيان أم طفلتي.
أحيانا تراودني أفكار متناقضة، أقول لو كان في رجعتها خير كان تيسرت الأمور ورجعت؛ لأني حاولت أكثر من مرة، وأحيانا أقول: لا، أنا الذي تسرعت في لحظة غضب وطلقتها وكسرت قلبها وهي خلاص عافتني.
أنا أحب زوجتي الثانية، لكن المشكلة أني لا أستطيع نسيان طليقتي وأخاف أن أظلم الثانية بتفكيري المستمر في الأولى.
مع العلم أن طليقتي تزوجت وفي ذمة رجل آخر، وهذا ما يقتل تفكيري في كل وقت وألوم نفسي كل مرة لماذا لم تكن محاولاتي في إرجاعها أكثر وأقوى وأشد إلحاحا وإصرارا على رجوعها؛ لأني بالفعل نادم على طلاقها وأعض أصابع الندم.
أعتذر عن الإطالة، لكن هذا كل ما في داخلي من ألم وحسرة شديدة على الانفصال.
وشكرا، ولا خاب من استشار.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ A.A.A حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبا بك أخي الكريم، وردا على استشارتك أقول:
يبدو فعلا أنك كنت تحب زوجتك الأولى حبا كبيرا، وأنك تسرعت في الطلاق، لكن هذا أمر مقدر عليكما، ولعل تدخل أهلها في كل صغيرة وكبيرة تحصل بينكما كان سببا كما ذكرت، فإن تدخل أهل أحد الطرفين قد يكون مدمرا، خاصة إن أرادوا أن ينفذوا ما يريدون، ووجدوا عدم قبول من طرف الزوج.
عليك أن ترضى بقضاء الله وقدره، خاصة وأنها الآن تزوجت فالتفكير بها في غير محله، ولن يجدي شيئا بل سينعكس سلبا عليك وعلى أسرتك.
عليك أن توقن أن هذه سنة الله في عباده تتطلق المرأة وتتزوج برجل آخر، وزوجها الأول يتزوج بامرأة أخرى، ويكون أسرة.
أرى أن تحمد الله تعالى طالما، وقد رزقك امرأة قلت إنها غير مقصرة في حقك وبينكما تفاهم، فعليك أن تلتفت لها وتعطيها حقوقها كاملة غير منقوصة، واحذر أن تقع فيما وقعت فيه مرة أخرى.
يبدو أن غيرتك على زوجتك الأولى هي التي تجعلك تفكر فيها على سبيل الدوام، لكن عليك أن تكون واقعيا، فأنت تجري وراء سراب تحسبه ماء، وليس بماء.
كل شيء بقضاء وقدر ولا فائدة من قولك لماذا ما حاولت أكثر، يقول عليه الصلاة والسلام: (كل شيء بقضاء وقدر حتى العجز والكيس) والكيس الفطنة، فعجزك ووقوفك عند تلك المحاولة مقدرة عليك، وكونها تذهب لرجل آخر مقدر كذلك.
قد يحب الإنسان شيئا وهو شر له، وقد يكره شيئا، وهو خير له، فلربما صرف الله عنك شرا ما كنت تعلمه يقول تعالى: (وعسىٰ أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ۖوعسىٰ أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ۗوالله يعلم وأنتم لا تعلمون).
هل تغير شيء عند محاولتك لرجوعها أم أن أهلها سيستمرون في التدخل فإن كانوا سيستمرون في تدخلهم، فهذا يعني أن المشاكل ستستمر، ولذلك فلو كانوا حريصين على استمرار حياة ابنتهم معك، ومع طفلتها لكانوا بادروا في التفاهم معك لكنهم فيما يبدوا يريدون شخصا يأتمر بأمرهم، وهذا ما تأباه النفوس السوية.
انس الموضوع، ولا تفكر فيها ولا ترسل رسائل إلى عقلك عنها، وركز على زوجتك، وتمعن في صفاتها الحسنة، فذلك سينسيك تلك المرأة التي يكفي أن من صفاتها السلبية أنها بقيت تأتمر بأمر أهلها حتى بعد زواجها، والمرأة العاقلة هي التي تأتمر بأمر زوجها.
قد لا تكون زوجتك الأولى عافتك، لكنها تخاف من أهلها وتمشي بموجب ما يريدون، ومثل هذه المرأة لا يمكن أن تستقر، بل ستبقى في مشاكل دائمة طالما وأهلها يتدخلون في حياتها.
أوصيك أن ترقي نفسك صباحا ومساء بما تيسر من القرآن والأدعية المأثورة، وأن تشغل أوقاتك بكل مفيد، ولا تجعل هذا الموضوع يسيطر على عقلك.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق والسعادة.