السؤال
السلام عليكم
أنا وزوجي نختلف كثيرا، فأنا أريد منه أن يحترمني حتى لو أخطأت، لكنه لا يحترمني، وفي كل خلاف يقلل من احترامي، ويحملني مسؤولية الخطأ، فتكون ردة فعلي عكسية، فيتفاقم الأمر وتزداد المشاكل، ولكن تعود العلاقة مستقرة بعد كل توتر.
في آخر مرة أسمعني كلاما بذيئا في قمة البشاعة بسبب خطئي، ولا أستطيع نسيان كلماته، وكلما أراه يتردد ذلك الكلام في أذني، وأصبحت أعاني نفسيا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم زينب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
عليك أن تعرفي أنك عشت في بيئة غير البيئة التي عاش فيها زوجك، واكتسبت من الطباع غير ما اكتسبه، ولذلك ينبغي عليك أن تتأقلمي مع البيئة الجديدة، وأن تتعرفي على ما يحب زوجك فتفعليه، وما يغضبه فتتركيه.
المشاكل في بداية الحياة الزوجية أمر طبيعي نظرا لاختلاف الطبائع، وليس المشكلة في الاختلاف، لكن المشكلة تكمن في سوء إدارة ذلك الاختلاف، ولا بد أن تؤسسي مع زوجك مبدأ الحوار البناء وأن تحلا ما يشكل عليكما بهدوء، واعلمي أن التنازل عن الرأي ليس عيبا بل قد يكون هو الحل الأمثل جلبا لمصلحة بقاء الود ودرأ لمفسدة فساده، فغض الطرف والتغافل من أهم ما يتحلى به الزوجان من الأخلاق، فالمحاسبة الشديدة على كل صغيرة وكبيرة مفسدة للحياة.
لقد كان من أخلاق الكبار في الزمان الأول أنهم كانوا يقولون: "رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمل الصواب"، ومتى كان قصد الحق والصواب هو المطلب يوفق الله تعالى العبد.
الاحترام مطلوب من الطرفين ولا تقوم الحياة ولا تكون هادئة إلا به، فإذا فقد أي طرف احترامه للآخر كثرت المشاكل وفسدت الحياة، وواجب على زوجك أن يحترمك وإن كنت مخطئة؛ لأن من يعمل لا بد أن يخطئ، والواجب عليك أن تتعلمي من أخطائك فلا تقعي فيها مرة أخرى.
حل الإشكال وطلب الاعتذار في أوج المشكلة وحال توتر الأعصاب لا يزيد المشكلة إلا تعقيدا؛ لأن النفس تكون غير متهيئة لذلك، والحل يكمن في تأجيل ذلك إلى حين تكون النفوس هادئة وقابلة للحوار حينها ستنحل العقد -بإذن الله-.
حفظ اللسان من الطرفين مطلوب، وأوصيك أن تتعودي على امتصاص غضبه وأن تتركي مناقشته في تلك الحال، وتعاملي معه كأنه لم يسئ إليك، وإذا تعاملت معه بهذه الطريقة فسوف يستحي على نفسه ويأتيك معتذرا.
تذكرك للكلام السيئ الذي سمعتيه منه يذكرك به الشيطان الرجيم، يريد من خلاله أن يفسد علاقتك مع زوجك، فعليك أن تقطعي الطريق عليه وألا تمكنيه من ذلك، فاستعيذي بالله منه حال تذكيرك، وركزي على الصفات الإيجابية في زوجك وغلبيها على السلبية، فما منا من أحد وله صفات سلبية، والكمال في البشر عزيز.
من أفضل ما يعالج حالات الغضب وسوء الخلق: توثيق الصلة بالله وتقوية الإيمان من خلال كثرة الأعمال الصالحة، فقوة الإيمان تهذب السلوك وتجعل المرء يلتزم الحدود، كما أن ذلك مما يجلب الحياة الطيبة كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
الزمي الاستغفار وأكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب، ففي الحديث: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك).
وسعي صدرك لتصرفات زوجك، وكوني على يقين أن سلوكه سيتغير مع مرور الأيام واكتساب الخبرة، وتضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسلي الله تعالى أن يصلحه وأن يلهمه الرشد، وأيقني أن الاستقرار النفسي والراحة والسعادة ستكون هي العاقبة، ألا ترين أن استخراج الزبدة من اللبن يحتاج إلى شد وجذب وهز، ولولا ذلك لما خرج السمن من اللبن.
نسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد في حياتك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.