السؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
لقد دعوت على أبي بالموت واللعن، علما أنه يستفزني منذ الصغر أمام أقراني وينعتني بالفاشل، ويقلل من قدري، يقارن بيني وبين أبناء أخته في النجاح، ويقربهم منه ويقبل أعذارهم إذا أخطؤوا في حقه، ولا يقبل أعذارنا أنا وإخوتي، وأيضا يحرجنا ولا يشاورنا، علما أنه لم يقصر في حقنا، ولكنه يقلل منا أمام الأقرباء والغرباء.
صارحته أني صرت شخصية معقدة بسبب تصرفاته، وانفعلت وصرخت بهستيريا وشتمته ولعنته وتمنيت له الموت، لكني الآن نادم، خاصة أنه غضبان علي، فهل سيعاقبني الله في أبنائي؟ وهل يغفر الله لي؟ والله أني أحب أبي، لكني لا أتحمل استفزازه، أعيش في قلق وخوف من عقوبة الله وعذابه.
أرجو منكم الإفادة والنصح والإرشاد، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سعد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
- بداية أهنئك على سؤالك حيث تضمن حبك لوالدك وإقرارك بحقه وخوفك من الله تعالى على إساءتك في حقه -حفظه الله وعافاه- وهذا من حرصك على واجب بر الوالدين، فأسأل الله تعالى أن يغفر لك ويعفو عنك وأن يعينك على البر للوالدين والصلة للأرحام وحسن الخلق وكظم الغيظ (والكاظمين الغيظ).
- لا يخفاك – أخي الفاضل – أن الآباء في الأصل لا يكرهون أبناءهم، وأن غضبهم عليهم إنما هو من فرط المحبة، والحرص والرحمة والتي قد تتجسد أحيانا بصورة سلبية مستفزة لضعف الطبيعة البشرية والإفراط في الحرص والمحبة والكمال لله تعالى وحده.
- للوالدين خصيصة حسن المحبة لهما ولو كانا يجاهدان أولادهما على الشرك لعظيم حقهما كما قال تعالى: (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما – أي في الشرك – وصاحبهما في الدنيا معروفا).
- لذا كان بإمكانك – غفر الله لك – التعامل مع خطأ والدك – حفظه الله – بحكمة ورحمة بأن تذكره بلطف ورفق في فرصة مناسبة وأسلوب مناسب بأهمية حفظ كرامتك لدى الأقارب وعموم الناس؛ كون ذلك يسيء إليك وإلى الوالدين والأسرة وحاضرك ومستقبلك العلمي والعملي.
- أنصحك بالمبادرة إلى الاعتذار له وتقبيل رأسه ويديه والتوبة من هذا الخطأ والاستغفار منه.
- كما وأنصحك بتعزيز ثقتك بنفسك وحسن ظنك بربك والاجتهاد في دراستك والحرص على التفوق والتميز بها وإثبات قدرتك على أن تكون شابا أحسن في دينك ودنياك، وفي هذا أيضا تطبيق عملي لبرك بوالدك الحريص على مستقبلك كما وفيه طاعة لربك ورسم طريق السعادة والاستقرار لنفسك أيضا.
- فما عليك سوى الاستعانة بالله تعالى وحسن التوكل عليه والتحلي بالطموح والتفاؤل والإرادة والتفرغ للدراسة وتقوية مهاراتك العلمية والعملية.
- ومما يعينك على ذلك تعميق الإيمان ولزوم الذكر والطاعات والصحبة الصالحة والبرامج والمحاضرات التي تعود عليك بالمنفعة في دينك ودنياك وضرورة البعد عن أسباب ضياع الوقت والملهيات كالمبالغة في متابعة وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام وصحبة السوء والبطالة.
- ولا أفضل وأجمل من الدعاء (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم).
- فالزم التوبة والطاعة والصلاة خاصة والاستغفار وثق برحمة الرحيم الغفار القائل: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم).
أسأل الله تعالى أن يفرج همك وييسر أمرك ويشرح للبر والطاعة والنجاح صدرك ويغفر ذنبك ويستر عيبك ويرزقك التوفيق في حياتك عامة وسعادة الدنيا والآخرة.