ما تفسير إحساس الشخص بأحداث تتحقق؟

0 68

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أود أن أسأل عن القدرات الروحية لدى الإنسان، أحيانا تجد شخصا يرى رؤيا تتحقق، وشخصا يستطيع الإحساس بالجن وأحيانا رؤيتهم، ومثلا الأم أحيانا تحس أن ابنها أصابه مكروه بدون أن تكون معه، فما هو ما يسمى بشفافية الروح؟ وما تفسير ذلك في عالم الأرواح؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الفقير إلى ربه حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:

لن تجد بعد الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- أصفى روحا وأطهر قلوبا من أصحابهم وعلى رأسهم صحابة نبينا -عليه الصلاة والسلام وعليهم رضوان الله- ومع ذلك فلم يكونوا يتحدثون بما يتحدث به بعض الناس اليوم من قدرتهم على سماع أصوات أو رؤية الجن أو ما شابه ذلك.

- هنالك ما يمكن أن يطلق عليه الإدراك الحسي الخارج عن نطاق الحواس وأول من تناول دراسة هذه الظاهرة هو العالم الألماني رودلف تستشنر، وأطلق عليها مصطلح E.S.P المنسوب مجازا إلى الحاسة السادسة التي تشمل: الاستبصار، التخاطر، قراءة الأفكار، الاستشفاف، التنبؤ... إلخ. ومن هذا الباب ما حصل لعمر -رضوان الله عليه- حين كان يخطب الجمعة وكان قد أرسل جيشا للعراق بقيادة سارية، فأري عمر أن هذا الجيش حوصر فنادى عمر وهو على المنبر: يا سارية الجبل الجبل، فسمع سارية ذلك الهاتف فانحاز إلى الجبل فنصرهم الله سبحانه، فلما نزل عمر من المنبر ذكر له ذلك الكلام فقال: لم أشعر به، ولما وصل سارية سئل عن ذلك فقال: حاصرنا العدو وكدنا نهزم فسمعنا صوت عمر يقول يا سارية الجبل فلما انحزنا إلى الجبل نصرنا الله سبحانه، وقد قال العلامة الألباني -رحمه الله- عند شرحه لقول عمر: (ياسارية الجبل)، ومما لا شك فيه أن النداء المذكور إنما كان إلهاما من الله تعالى لعمر وليس ذلك بغريب عنه، فأنه " محدث ".

- وقال: وفي المقال المشار إليه أمثلة أخرى مما يدخل تحت ما يسمونه اليوم بـ " التخاطر " و " الاستشفاف " و يعرف باسم " البصيرة الثانية " اكتفينا بالذي أوردناه لأنها أقرب الأمثال مشابهة لقصة عمر -رضي الله عنه-، التي طالما سمعت من ينكرها من المسلمين لظنه أنها مما لا يعقل! أو أنها تتضمن نسبة العلم بالغيب إلى عمر، بينما نجد غير هؤلاء ممن أشرنا إليهم من المتصوفة يستغلونها لإثبات إمكان اطلاع الأولياء على الغيب، والكل مخطئ.

- ينظر إلى تحقق الرؤيا من خلال استقامة الشخص أو عدمه، فإن كان صالحا وصاحب دين فذلك من عاجل بشرى المؤمن وأما إذا كان منحرفا فذلك يفسر إما ابتلاء من الله أو أن للشيطان تدخلا في هذا المجال فيري الشخص في منامه ما حصل لفلان من الناس فإن وجده وسأله قال فعلا حصل لي كذا وكذا.

- الملائكة تطوف في هذا العالم تبحث عن حلق الذكر، فإذا وجدت جلست تستمع الذكر، والمقصود بالذكر هنا هو الذكر الشرعي المشتمل على القرآن والسنة لا البدعي الذي يشتمل على أذكار وحركات مبتدعة فتلك المجالس لا تحضرها الملائكة بل تحضرها الجن والشياطين، فإذا حضرت الملائكة حلق الذكر فقد يحس بهم بعض الناس لا كلهم ولكن لا يمكن أن يراهم إلا إذا تمثلوا بصورة إنسان ففي هذه الحالة يمكن أن يروا، وهكذا الجن يمكن أن يحس بهم بعض المشاركين في مجالس الذكر المبتدعة ولكن لا يمكن أن يروهم على حقيقتهم ويمكن أن يروهم إن تشكلوا بصورة إنس، يقول تعالى: (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم ۗ إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون) أي لا يرون على الهيئة التي خلقهم الله عليها ومن ادعى ذلك من غير الأنبياء فهو كاذب.

- جعل الله للملائكة قدرة على التشكل فقد يأتي بصورة إنسان فيراه البشر لكنهم لا يدركون أن هذا ملك إلا إن أتاهم الخبر الصادق كما حصل في حادثة إتيان جبريل -عليه السلام- بصورة دحية الكلبي وبصورة أعرابي فرآه بعض الصحابة -رضوان الله عليهم- لكنهم لم يدركوا أنه جبريل حتى أخبرهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ومن ادعى رؤيتهم على خلقتهم غير الأنبياء فهو كاذب.

- لقد جعل الله تعالى للجن قدرة على التشكل فيتشكل بصورة إنسان أو حيوان فيراه الإنسان لكنه لا يعلم أن ذلك جني فقد ثبت في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه أتاه الجني بصورة إنسان يسرق من الصدقة فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- أتعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة ؟ قال : لا . قال : ( ذاك شيطان) وثبت أنه جاء لقريش بصورة سراقة بن مالك وبهذا يتبين أن معنى قوله سبحانه: (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) مخصوص بما إذا كان على صورته التي خلق عليها.

- شعور الأم بأن ولدها حدث له شيء هو من باب الحاسة السادسة، فهنالك تواصل بين الأرواح ومن أقرب الأرواح تواصلا روح الأم مع أرواح أبنائها، وقد يكون نوعا من الإلهام.

- أوصيك ألا تشغل نفسك بمثل هذه الأمور واحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز.

- أوصيك بالبحث والسؤال عن الأمور التي ينبني عليها عمل ينفعك الله به في الدنيا والآخرة، وألا تكثر من القراءة في مجال الأرواح وما يطلق عليه البعض العالم الروحاني، فإني أخشى أن يدخل أولئك الكتاب في متاهات يصعب بعد ذلك الخروج منها.

- وثق صلتك بالله تعالى واجتهد في تقوية إيمانك من خلال كثرة العمل الصالح وخاصة تلاوة القرآن الكريم وصيام ما تيسر من الأيام الفاضلة وحافظ على أذكار اليوم والليلة.

نسعد بتواصلك، ونسأل الله لك التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات