أخشى مواجهة الجمهور والحديث دون إعداد، فما علاج ذلك؟

0 7

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من اضطرابات وخوف يؤرقني كثيرا، ويجعلني أتجنب كل تجمع، أخشى أن توجه لي كلمة مثل: احتفال، تظاهرة، أو ندوة، مما يضطرني للاعتذار لمن دعاني، هذا الأمر يسبب لي الكثير من الإحراج، لأنه يتعلق في كثير من الأحيان بالعمل.

المشكلة أنني شخص معروف في بلدتي وبين كثير من الناس، ويطلب مني إلقاء الدروس والمحاضرات، والأكثر من ذلك أنني مسؤول في عملي عن معلمين ومديرين، أحتاج إلى تكوينهم وعقد اجتماعات معهم.

جذور المشكلة:
في صغري لم يكن هذا الخوف حادا كالوقت الحالي، في الثانوية كنت لا أحضر التظاهرات أبدا، وفي الجامعة كنت لا أشارك إلا مرات نادرة، ويحمر وجهي إذا أنبني أستاذي بشكل مباشر، وأتجنب إلقاء البحوث أمام زملائي.

بعد التخرج كنت ألقي دروسا بسيطة في مسجد القرية، لكنني أشعر قبلها بعدم الراحة، وخلال الدرس أجد بعض الجفاف في فمي، واضطراب، لكن يختفي في الدقائق الأولى، أما الآن فأظنه تأزم وازداد.

أعاني -كما سبق، وأن ذكرت- من الخوف من جميع الاحتكاكات المرتقبة، كحضور حفل، لقاء، اجتماع، ندوة، منافسة علمية.

أما الاضطرابات التي أعاني منها فتتمثل في: خفقان شديد في القلب يصعب التحكم به، ضعف في الصوت، مع ارتعاش وتعرق، وجفاف في الفم، ويحدث لي الشيء ذاته عند الصلاة مع الناس، حتى وإن كان العدد قليلا، أما إذا كنت أتحدث بشكل طبيعي أمام شخصين إلى عشرة أو أكثر، طالما كان الحديث عفويا وغير رسمي، فلا أشعر بتلك الأعراض، ويكون الحديث بالدور.

وآخر مرة كنا في عمل، طلب رئيس المركز من كل واحد أن يعرف نفسه بكلمات معدودة، كنت أنتظر دوري بفارغ الصبر كي يأتي بسرعة، حتى لا يزداد خفقان قلبي، وبالتالي يسيطر علي الخوف وأعراضه، فأفضح أمام زملائي، لكن بعد التعريف بنفسي، الذي كان سريعا وخافتا، شعرت بخفقان قلبي يهزني إلى درجة أنني مع كل خفقة عنيفة كنت أشعر بألم حاد في عمودي الفقري.

سبق لي أن قدمت طلب استشارة عبر منصتكم المحترمة هذه، رقمها وعنوانها كالآتي: الرقم: (2242679)، وقد قدم لي الطبيب توجيهات ووصف لي أدوية، وواظبت على الدواء المدة التي طلبها، وكان ذلك قبل أكثر من أربع سنوات، لكن المشكلة لا تزال قائمة وربما ازدادت حدة.

رغم أنني واجهت صعوبة في الحصول على الدواء من الصيدليات، حيث كان الصيدلانيون يزعمون أن هذا النوع من الدواء لا يباع إلا بوصفة طبية، إلا أنني تمكنت من الحصول عليه بصعوبة، كي أتجنب الإحراج، استخدمت أكثر من عام الدواء الإسعافي الذي يأتي على شكل أقراص ويسمى: NORMOCARDIL (propranolol).

لكن ما أخشاه هو الحديث المفاجئ غير المرتقب، بالإضافة إلى أنني أخاف أن أعتاد على الأقراص، مما قد يصعب التخلص من الخوف لاحقا، وفي بعض المرات، أتناول الدواء، ولكن أدائي يكون فيه بعض الاضطراب.

رجاء: أتمنى أن تبين لي طريقة للتواصل معك في حال اشتريت الدواء، للتأكد معك -سيدي الكريم- أن ذلك الدواء هو فعلا الدواء الذي ذكرت لي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

أخي: أنت لديك قلق مخاوف، وهو نوع من الرهاب أو الخوف الاجتماعي، لكن -بفضل من الله تعالى- شخصيتك تحمل سمات إيجابية جدا، وأعتقد أن هذا يمكن أن يكون أساسا قويا للتخلص من هذا الخوف الاجتماعي، وفي ذات الوقت حباك الله بوظيفة تتطلب التفاعل الاجتماعي، ويجب أن تتذكر أنك إن لم تكن أهلا لهذه الوظيفة لما وضعت فيها أبدا، ولما كانت لك أبدا.

أهم شيء في علاج الخوف الاجتماعي هو تصحيح المفاهيم، أنا أؤكد لك أن كل الأعراض الفسيولوجية التي تستشعرها -كالرجفة، أو الخوف من التلعثم، أو تسارع ضربات القلب- هي أعراض مبالغ فيها، ولا أحد يلاحظها أو يشاهدها حين تتصور أنها قد حدثت لك.

فإذا التجربة هي تجربة شخصية، ولسيت معممة ولا يلاحظها الآخرون، هذا مهم جدا.

والعلاج يكون بالتعرض، فلا تتجنب المواقف أبدا، عليك بأن تعرض نفسك لدرجة الإطماء -كما نسميه-، وهذا يطلب مثلا:
- أن تصلي الصلوات -الخمس أوقات- في المسجد وتكون خلف الإمام.

- أن تذهب على الأقل لمناسبتين اجتماعيتين في اليوم، كزيارة مريض، الذهاب لحفل زفاف، أو شيء من هذا القبيل، أو زيارة رحم من أرحامك.

- ممارسة أي نوع من الرياضة الاجتماعية، وهذا لا تستبعده، عمرك مناسب جدا لأن تقوم برياضة المشي مع مجموعة من الأصدقاء، أو حتى لعب كرة القدم، أو كرة السلة... هذه علاجات وعلاجات أساسية وضرورية.

- التمارين الاسترخائية مهمة جدا، لأن استرخاء العضلات يؤدي إلى استرخاء النفس، واسترخاء النفس يؤدي إلى المزيد من استرخاء العضلات، وينتج عن هذا كله اختفاء الخوف والتوتر والتردد، وإسلام ويب لديها استشارة رقمها (2136015)، أرجو أن ترجع لها وتطبق ما أوردناه من إرشادات حول كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء.

ويا حبذا -يا أخي- لو قمت بزيارة طبيب نفسي، وأنت لا تحتاج لمتابعات كثيرة، الطبيب النفسي سوف يدربك على تمارين الاسترخاء، أو يحول للأخصائي النفسي الذي يعمل معه لكي يدربك على هذه التمارين، وسوف يصف لك العلاج الدوائي، أتفق معك أنه في كثير من الدول لا يسمح بصرف هذه الأدوية، وأنت تحتاج لدواء واحد يسمى (سيرترالين) هذا اسمه العلمي، وله مسميات تجارية كثيرة، منها: (زولفت) و(لسترال)، لكن ربما يكون في بلادكم تحت مسمى تجاري آخر.

والإندرال يمكن أن يستعمل كدواء مساعد، لكن الدواء الرئيسي هو السيرترالين، وتوجد أدوية أخرى مشابهة مثل (سبرالكس).

فيا أخي: الأمر في غاية البساطة، تناول الدواء، حقر فكرة الخوف، وعليك المزيد من التعرض والتعريض للمواقف الاجتماعية، وكن أكثر ثقة في نفسك وفي مقدراتك، وكما ذكرت لك: وظيفتك يجب أن توظف وتستغل من أجل العلاج لحالتك، ودائما راقب لغتك الجسدية وتعابير وجهك ونبرات صوتك، هذه مهمة جدا لعلاج الخوف الاجتماعي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وبالله التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات