متزوج وأحب فتاة لا أستطيع الزواج منها فما توجيهكم؟

0 28

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تزوجت باكرا من ابنة خالي التي أحببتها جدا، ولي منها خمس إناث وذكر واحد، وانتقلت منذ خمس سنوات للعيش في تركيا، وعملت في منظمة وتعرفت على شابة أرملة ليس لها أولاد، وأحببنا بعضنا كثيرا، ودامت العلاقة حول ثلاث سنوات، ونحن ننتظر الفرج لكي نتزوج.

أنا أعاني من ضعف مادي شديد، وحاليا دون عمل، وأخشى أن أقع في الحرام مع هذه الفتاة التي تعلقت بي جدا، ورفضت العشرات ممن تقدموا لخطبتها، وهي لا ترضى بأحد غيري رغم معرفتها بوضعي الراهن, وهي ترى أن نتزوج وأن الله سيرزقنا بحينها، وخاصة مع استمرار علاقتنا وخروجنا مع بعضنا، وخشيتنا من الوقوع بالحرام.

الرجاء الإجابة، ولكم جزيل الشكر، وأعتذر عن الإطالة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ زيد القاسم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
لا يحل لك أن تبني علاقة مع أي فتاة خارج إطار الزوجية، فالخروج والدخول مع هذه الفتاة فيه خطر عظيم عليك وعليها، وربما حصلت خلوات، وما اختلى رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، فالواجب عليك أن تقطع هذه العلاقة، ولا تجعل هذه المرأة الساذجة تتعلق بك، ومن أراد الزواج من أي فتاة فليأت البيوت من أبوابها، ولا يتسلق الأسوار.

أنت في الأصل متزوج، وعندك أبناء، وحياتك مستقرة، وحالتك المادية لا تسمح لك بالتعدد، ثم إنك حاليا بدون عمل، فلم تقحم نفسك في أمر قد يجر عليك الكثير من التبعات، ويشتت أسرتك، وفي الحديث: (كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول).

صح في الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)، فالاستطاعة هنا ليس المقصود بها القدرة الجنسية، بل هي أعم من ذلك، فيدخل فيها القدرة على فتح بيت، والنفقة، وفي حال التعدد يحتاج كذلك العدل.

لا بد أن يكون للتعدد أسباب وجيهة بعد توفر القدرة، والمسألة تحتاج منك إلى دراسة متأنية، ولا تجعل عواطفك الوقتية، أو كلمات تخرج من فم هذه المرأة تتحكم بك وبمصيرك ومصير أسرتك، فالزواج ليس مشروعا آنيا، بل هو مشروع عمر، يحتاج إلى دراسة متكاملة، وهو أحق بدراسة الجدوى من أي مشروع دنيوي.

أوصيك أن تجتهد في تقوية إيمانك بالله من خلال الإكثار من الأعمال الصالحة، فقوة الإيمان تولد في النفس مراقبة الله تعالى، وتوجد حاجزا يمنع صاحبها من الوقوع فيما حرم الله.

من النتائج الحتمية للإيمان والعمل الصالح، الحياة السعيدة الطيبة، كما قال تعالى: (من عمل صالحا من ذكر أو أنثىٰ وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ۖ ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).

عليك بأسباب الرزق ومن أهمها ما يأتي:

المحافظة على أربع ركعات أول النهار، فإنها تكفيك -بإذن الله تعالى- مما أهمك، ومن ذلك الرزق، يقول نبينا -عليه الصلاة والسلام- قال الله تعالى: (يا ابن آدم صل لي أربع ركعات أول النهار أكفك بهن آخره)، قال في عون المعبود: يحتمل أن يراد كفايته من الآفات والحوادث الضارة ، وأن يراد حفظه من الذنوب والعفو عما وقع منه في ذلك أو أعم من ذلك، (اهـ)، وجاء في مرقاة المفاتيح لملا القارئ: أي أكفك شغلك وحوائجك وأدفع عنك ما تكرهه بعد صلاتك إلى آخر النهار، والمعنى فرغ بالك بعبادتي في أول النهار، أفرغ بالك في آخره بقضاء حوائجك، (اهـ).

تقوى الله: يقول سبحانه: (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب).

كثرة الاستغفار: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا).

المحافظة على أداء الصلاة في جماعة: قال العلامة ابن القيم: (الصلاة مجلبة للرزق حافظة للصحة دافعة للأذى مطردة للأدواء مقوية للقلب مبيضة للوجه مفرحة للنفس مذهبة للكسل).

صلة الأرحام: فهو من أهم أسباب زيادة الرزق والبركة في المال، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من سره أن يبسط له في رزقه، وأن ينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه).

الإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-: فقد قال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك)، ومن الهموم هم الرزق.

أن تكون شاكرا لله تعالى على سبيل الدوام: فالشكر الدائم يزيد الأرزاق، ويفتح الأبواب المغلقة، لقوله تعالى: (لئن شكرتم لأزيدنكم).

الهجرة من أجل طلب الرزق: فلست ملزما أن تبقى في بلد معين، وعليك أن تجوب الآفاق، وتعمل بالأسباب، فمن الناس من خرج من بلده بعد ضيق في العيش، ففتح الله عليه أبواب الرزق، يقول تعالى: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ۚ)، وإن كان من أهل التفسير من قال إن المقصود بالهجرة هنا الهجرة من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، لكن العبرة بعموم لفظ الآية.

السعي في مناكب الأرض، وعدم البقاء في نفس المنطقة التي أنت فيها، قال سبحانه: (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ۖ وإليه النشور).

أشغل نفسك بالذكر والاستغفار والدعاء، وأكثر من دعوة يونس عليه وعلى نبينا السلام حين قال: ﴿ لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ﴾، [الأنبياء: 87]، فهي من أعظم ما قيل في ذهاب الهم، فالله قال في الآية التي تعقبها: ﴿ فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ﴾، [الأنبياء: 88]، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له).

من فوائد الاستغفار أنها تجلب الرزق قال تعالى: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا).

الاستقامة على دين الله تعالى، والابتعاد عن الذنوب والمعاصي بكل أشكالها، يقول تعالى: (وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا) وفي الحديث: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).

اجعل لنفسك وردا يوميا من القرآن الكريم، وحافظ على أذكار اليوم والليلة، فكثرة الذكر يجلب للقلب الاطمئنان، كما قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ۗ ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

نسعد بتواصلك ونسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية والرزق الواسع.

مواد ذات صلة

الاستشارات