السؤال
السلام عليكم.
مشكلة ابنتي هداها الله وهدى كل عاص في الآتي:
1ـ الكذب والسرقة وهي صغيرة في الصف الثاني الابتدائي.
2- في المرحلة المتوسطة استمرار على ما سبق وميل إلى الأغاني وشراء شرائط الغناء واستخدام الهاتف.
3- في الصف الثالث المتوسط بدأت تتعرف على شباب وليس شابا واحدا.
4- في بداية المرحلة الثانوية بدأ يزداد الكذب والحيل في استعمال الهاتف حتى إنها كانت تستعمله في الحمام ـ أعزكم الله ـ وعدم الاستقرار في اختيار صديقة بل كلما تجلس مع مجموعة تتصاحب عليهم، وإلى الآن لم تختر صديقة، وهي في المرحلة الجامعية، بالإضافة إلى التشبه بصديقات السوء، وحاولنا جاهدين إبعادها عنهن فلم نستطع إلا أن يأتي سبب قهري كالانتقال إلى مكان آخر أو السفر.
5-شق عصا الطاعة، فلا تستجيب لأي نصيحة ودائما تبكي، غير سعيدة مع أنها والحمد لله تعيش في خيرات كثيرة ونعم تحسد عليها.
6-تريد الخروج والفسح والتبذير المفرط في الأموال، وصرفها في أشياء ضارة مثل شرائط الأغاني وكروت الهاتف لاستعماله في غير وجودنا واستغلال أوقات الصلاة واستعمال الهاتف في مكالمات الشباب.
7- الغيرة من أخويها، ودائما تقول بأننا نفضلهما عليها وأننا نقسو عليها، وأنها لا تجد الحب عندنا وتبحث عنه في مكان آخر.
الطرق التي اتبعناها معها ولم تجد:
1- الرفق واللين والسياسة والاحتواء والشدة بجميع أنواعها من ضرب ولسع بالنار والحرمان من المصروف والخروج والفسح.
2- عرضناها على أكثر من شيخ ليقرأ عليها خوفا من أن يكون بها مس أو سحر ولكنهم أكدوا بأنه لا يوجد شيء.
ملحوظة...
لا تشارك في البيت مثل الدخول للمطبخ إلا نادرا، ولا تهتم بترتيب غرفتها إلا في وجود ضيف أو مناسبة، مع العلم أننا ـ والحمد لله ـ أسرة ملتزمة، نواظب على أداء الصلاة في أوقاتها وقراءة القرآن والأذكار في الصباح والمساء، فما توجيهكم في مثل هذه الحالة التي أجهدتنا جميعا؟ أين يكمن الخطأ؟ وما العلاج لمثل ذلك؟
أفيدونا أفادكم الله وجزكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أحمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله أن يصلح لنا ولكم النية والذرية، وأن يجعل الصلاح ميراثا في ذرياتنا إلى يوم الدين، وأن يلهمنا السداد والرشاد.. وبعد،،،
فإن دعوة الوالدين أقرب للإجابة، فاحرصوا على الدعاء لهذه الفتاة خاصة في أوقات الإجابة، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء، فسبحان من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، مع ضرورة الامتناع عن الدعاء عليها؛ فإن ذلك يفسدها ويضرها، وقد شكا بعضهم من عقوق ولده فقيل له: لعلك تدعو عليه؟ فقال: نعم. فقيل له: أنت أفسدته.
وأرجو أن نعود أنفسنا بعض الكلمات مثل: الله يهديك، الله يصلحك، وقد حذرنا رسولنا صلى الله عليه وسلم من أن ندعو على أنفسنا أو على أموالنا وأولادنا؛ لأنه قد يصادف ذلك لحظة يستجاب فيها الدعاء، فتحصل الحسرة والندامة.
وأرجو أن تحرصوا على تغيير طريقة التعامل مع هذه الفتاة، ومن الضروري أن يكون منهج التعامل موحدا ومتفق عليه بين الأم والأب.
أختي المباركة: إن الكذب والسرقة في سن الطفولة المبكرة لا يصح أن يسمى بهذه الأسماء الكبيرة؛ وذلك لأن الطفل لا يكون عنده الخلفيات الفكرية والترصد المسبق لعلم الجريمة، ولكن الطفل إذا رأى شيئا وأعجبه أحب أن يكون له، ولكن التوجيه الخطأ من البيت أو المدرسة قد يعمق هذا السلوك السلبي، فبعض الناس يقول للطفل: أنت سارق، جاء السارق، انظروا إلى الكذاب، ومثل هذه الكلمات التي تجعل الطفل يتمسك بالخطأ، ويحطم عنده حاجز الحياء، خاصة إذا كان ذلك أمام الناس والزملاء، أو كان الطفل يعاني من جوع عاطفي أو إحساس بالظلم، أو رغبة في لفت الأنظار وإثبات الذات، حتى ولو كان ذلك بفعل الأخطاء.
وأرجو أن لا يمر كلامها عن تفضيل أخويها عليها دون أن ننتبه للآثار السالبة لعدم العدل، (فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، وقد أحسن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في رده على من قال: (إن هؤلاء لا يصلحهم إلا السوط، فقال له: كذبت، يصلحهم العدل فأقمه).
وقد يكون هذا الانحراف بسبب الحرمان، أو بسبب الشدة الزائدة، أو لأننا كنا نتخذ أسلوب التحقيقات في تعاملنا معها، وقد يكون السبب هو عدم التدرج في استخدام العقوبات، وعدم ملاحظة آثار العقوبة المعنية عند إيقاعها، ولا يجوز كذلك أن نعلن عجزنا ونكثر الحديث عن مشكلتها أمام الناس، وأرجو أن نحرص على تنمية أي بوادر للتحسن في سلوكها؛ وذلك بتضخيم الإيجابيات، والتغافل عن بعض السلبيات، وعدم تذكيرها بالأخطاء القديمة.
أما الأساليب المستخدمة، فالملاحظ أن فيها إفراطا وتفريطا، مع ملاحظة أن اللسع بالنار لا يصلح أن يكون عقوبة، كما أن الحرمان من المصروف قد يدفع للسرقة، والحرمان من الخروج قد يشعرها بعدم الأمن، والضرب الكثير يهون عليها الوقوع في الأخطاء ويدفعها للانتقام والعناد.
أما الأسلوب المقترح فهو أسلوب الحوار معها، واتخاذها صديقة، وإعطاءها فرص، ومشاورتها؛ حتى نعيد إليها الثقة، والمربي الناجح يحسن الاستماع ويحسن التوجيه، وأرجو أن نمدح مشاركتها أمام الأضياف والزميلات، ونثني على أعمالها التي تقوم بها حتى ولو كانت قليلة.
ولا داعي لإظهار القلق واليأس أمامها؛ لأن ذلك يعقد المشكلة، وأرجو أن نغير من أسلوبنا القديم، ونبحث عن المدخل الحسن، فليس من المعقول أن لا يكون فيها جانب مشرف، ولكن من واجبنا اكتشاف ذلك والبناء عليه.
وأرجو أن نوفر لها الاهتمام اللازم، ونعطيها العواطف، ونشعرها بالحب؛ حتى لا تبحث عن الثناء والعواطف في الخارج حيث الذئاب والأشرار.
والله الموفق.