السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله الذي من علينا بنعمة الإسلام، وجزيتم خيرا لما تقومون به من خدمة للمسلمين من خلال هذه الشبكة الرائعة.
أبدأ أسئلتي يا شيخنا الفاضل! بأني -ولله الحمد والمنة- دائما أعاهد نفسي وأتوب إلى الله بأن لا أرجع للغيبة مهما كانت، وأنا مشتركة في منتدى نسائي يحرص على عدم الخروج عن ما أمرنا به ديننا الحنيف من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، المهم -يا شيخنا الفاضل- أنا أتمنى أن أدعو الناس من خلال هذ المنتدى، فكيف السبيل لذلك؟
ولي سؤال آخر: هل ذكر حال الزوج وذكر بعض الأقارب أو ذكر ما يتصفون به يعد غيبة أم لا؟
والله المستعان.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يلهمنا السداد والرشاد، وأن ينفع بكن بلاده والعباد، وأن يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يشغلنا بما يرضيه!
فقد أعجبني أن يكون المنتدى نسائي، وأسعدني ما اتفقتن عليه من عدم الخروج عن أوامر هذه الشريعة التي ما تركت خيرا إلا ودلتنا عليه، ولا تركت شرا إلا وحذرتنا ونهتنا عنه.
ولا شك أن الدعوة إلى الله مسئولية كل رجل وامرأة ممن رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا ونبيا، وهي أشرف مهمة، وهي أعظم الطاعات أجرا؛ لأن من دعا إلى هدى كان له من الأجور مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، والدعوة إلى الله تطيل الأعمار؛ لأن المسلمة يمكن أن تدعو أختها إلى الصلاة مثلا ثم تموت، فإذا صلت الأخت المدعوة كتب الله للداعية المتوفاة مثل أجر صلاتها وهي في قبرها، مع ضرورة الحرص على مراقبة الله ومحاسبة النفس، وتلمس النية قبل العمل وأثناء العمل وبعد العمل، ونسأل أنفسنا عند كل طاعة لماذا؟ وكيف؟
أما الغيبة فسوف يعينك على تركها ما يلي:
1- معرفة عظيم هذا الذنب الذي يجعل الإنسان مفلسا يوم القيامة؛ وذلك لأن حسناته تذهب للذين اغتابهم.
2- معرفة أن الغيبة من الذنوب التي لا يكفي في غفرانها مجرد التوبة، بل لابد من رد للحقوق وطلب العفو ممن اغتبناهم وأكلنا لحومهم، وفي ذلك الحرج الشديد، فإذا خشينا من ترتب مفسدة أكبر إذا أخبرناهم؛ فإننا نستغفر لهم ونحرص على ذكرهم بالخير في الأماكن التي ذكرناهم فيها بالسوء، مع ضرورة الاستغفار والدعاء لهم في وقت نحتاج فيه إلى أن نستغفر لأنفسنا.
3- تذكري أن المسلم يذب عن عرض إخوانه ليذب الله عن وجهه النار.
4- تذكري أن العاقل من شغلته عيوبه عن عيوب الناس، وقد أحسن من قال:
لسانك لا تذكر به عورة امرئ *** فكلك عورات وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك مساوئ *** فصنها وقل يا عين للناس أعين
وقد قال ابن المبارك: والله ما كنت لأغتاب أحدا من الناس، وكيف أعطيهم حسنات تعبت في تحصيلها؟!
وليس في ذكر عيوب الزوج أي مصلحة، ولا في ذكر عيوب الأقارب؛ بل فيه تقصير في حق الأرحام، وإذا ذكر الإنسان عيوب أقرب الناس إليه فكيف يؤتمن على غيرهم؟ وكل ذلك من الغيبة المحرمة، خاصة إذا كان هؤلاء معروفين لمن نتحدث معهم، أما لو قال الإنسان: بعض الناس يفعلوا كذا وكذا، ولم يكن المستمع يعرف المقصودين بالكلام، وكان لذلك ضرورة، فأرجو أن لا يكون هناك بأس، وأرجو أن نشغل أنفسنا بطاعة الله، ونتذكر أن الإنسان ربما يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوى بها في النار أبعد مما بين السماء والأرض.
والله ولي الهداية والتوفيق.